وفاة بلوجر مغربية بعد جراحة «تكميم» .. ودراسات تكشف مخاطر «التنمر»

توفيت صانعة المحتوى المغربية الشابة سلمى،عقب خضوعها لعملية تكميم المعدة من أجل إنقاص وزنها، في واقعة مؤلمة أثارت موجة من الحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في أعقاب تعرضها لحملة تنمر إلكتروني وحملات سخرية بسبب شكلها ووزنها الزائد.
ووفقًا لما نقلته وسائل إعلام مغربية، فإن سلمى لجأت إلى جراحة “بارياتريكية” بعد معاناة من ضغوط نفسية حادة نتيجة التعليقات القاسية والتنمر المتكرر عبر الإنترنت، لكن العملية أدت إلى مضاعفات خطيرة أودت بحياتها، مما أعاد فتح ملف خطورة التنمر الإلكتروني وتأثيره على الصحة النفسية واتخاذ قرارات طبية خطرة.
دراسة جنيف: 70% من محتوى السوشيال ميديا عن السمنة
أحدث الدراسات التي نُشرت بالتزامن مع الواقعة المأساوية كانت من جامعة جنيف، بالتعاون مع مستشفيات جنيف الجامعية، وكشفت أن أكثر من 70% من المنشورات المتداولة على مواقع التواصل بشأن السمنة تحمل نبرة سلبية وساخرة.
الدراسة التي نشرت عبر موقع Disa.org أكدت أن هذا النوع من الخطاب يؤدي إلى خلق ما يُعرف بـ"الوصمة النفسية الداخلية"، أي أن الشخص يبدأ في كره جسده والشعور بالخجل، مما يدفعه نحو قرارات خطرة مثل الجراحة، فقط ليشعر بالقبول المجتمعي.
كما شدد الباحثون على أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة ويتعرضون للتنمر عبر الإنترنت، لديهم معدل أعلى بكثير في اللجوء إلى عملية تكميم المعدة والتدبيس، غالبًا دون مشورة نفسية كافية، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على صحتهم الجسدية والعقلية.
دراسة أمريكية: المراهقون ضحايا التنمر أكثر عُرضة لاضطرابات الأكل
وفي الولايات المتحدة، رصدت دراسة حديثة ضمن مشروع ABCD Study الذي شمل أكثر من 10 آلاف مراهق تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، أن المراهقين الذين تعرضوا التنمر الإلكتروني كانوا أكثر عرضة بشكل ملحوظ للإصابة باضطرابات الأكل والتفكير في تغيير أجسامهم بطرق عنيفة، منها العمليات الجراحية.
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة علم النفس السريري، وأكدت أن نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين الذين تعرضوا للوصم الرقمي بدأوا يشعرون بالخجل الشديد من أجسادهم، وعبّروا عن رغبتهم في “الاختفاء” أو “التحول الجذري” بأي وسيلة.
دراسة: وسائل التواصل تعزز كراهية الجسد
أما في أستراليا، فقد أجريت دراسة على مجموعة من الفتيات من سن 14 حتى 19 عامًا، كشفت أن 62% منهن تعرضن لتعليقات سلبية على شكل أجسادهن عبر الإنترنت، و41% فكرن فعليًا في إجراء عمليات تجميل أو تكميم المعدة بسبب تلك التعليقات، وخلصت الدراسة، التي نُشرت عبر موقع PsyPost، إلى أن التنمر الإلكتروني أصبح محفزًا نفسيًا مباشرًا لاتخاذ قرارات صحية متهورة في سن مبكرة، خصوصًا وسط غياب الإرشاد النفسي.
دراسة: السمنة تزيد التنمر الإلكتروني بين المراهقين
دراسة أوروبية موسعة شملت سبع دول في الاتحاد الأوروبي أوضحت أن المراهقين المصابين بالسمنة أو زيادة الوزن يُعدون من أكثر الفئات تعرضًا للتنمر الإلكتروني مقارنة بأقرانهم، ووفق ما نشره الباحثون، فإن هذا التنمر لا يتوقف فقط على المزاح العابر، بل يتحول إلى ضغط نفسي يومي يولد الاكتئاب وفقدان الثقة بالنفس، وقد يؤدي في حالات كثيرة إلى الإقدام على إجراءات صحية خطيرة مثل عمليات التكميم دون تقييم شامل.
تحذيرات من أطباء: الجراحة ليست حلاً نفسيًا.. والتنمر يقتل
وفق ما نشره موقع Healthline اليوم، شدّد الدكتور “مارك روس”، أخصائي الجراحات البارياتريكية، على أن القرار بالخضوع لجراحة إنقاص الوزن يجب أن يكون مبنيًا على تشخيص طبي دقيق، وليس على ضغط نفسي خارجي أو سخرية مجتمعية، وأضاف أن المرضى الذين يخضعون للجراحة بدافع الهروب من الانتقادات أو التنمر، غالبًا ما يعانون لاحقًا من اكتئاب ما بعد العملية، وقد يواجهون مضاعفات نفسية خطيرة.
وبالمثل، نقل موقع WebMD عن خبراء تغذية ونفسيين تحذيرهم من "موجة جراحات السوشيال ميديا"، التي باتت تنتشر بين المراهقين والشباب بدافع الرغبة في القبول الاجتماعي، لا الصحة الفعلية، وأكدوا أن الخطوة الأولى قبل أي عملية هي التقييم النفسي الكامل، وإلا فإن العواقب قد تكون مميتة، كما حدث مع سلمى.
دعم نفسي أم عملية جراحية؟ القرار الفاصل
وفاة سلمى كشفت واقعًا مريرًا يتجاهله كثيرون: الضغوط النفسية الناتجة عن السوشيال ميديا ليست مجرد كلمات، بل قد تتحول إلى قرارات مصيرية مدمّرة، وعلى الرغم من أن عمليات تكميم المعدة وإنقاص الوزن قد تكون خيارًا فعالًا في بعض الحالات، فإن اتخاذها كرد فعل على التنمر هو خيار محفوف بالمخاطر.
ولهذا، يدعو خبراء علم النفس إلى التوعية المجتمعية بضرورة الدعم النفسي الحقيقي للأشخاص الذين يعانون من السمنة، وتوفير بدائل علاجية فعالة وآمنة، بعيدًا عن السخرية أو الحكم السطحي، فالكلمة تؤذي، والتنمر يقتل، والسكين ليس علاجًا للوجع الداخلي.