تركيا تسعى لملء الفراغ الاستراتيجي بعد تراجع إيران في الشرق الأوسط |خاص

قال المحلل السياسي اللبناني الدكتور عبد الله نعمة، إن الحرب بين إسرائيل وإيران شكلت نقطة تحول تاريخية في الشرق الأوسط، أحدثت تغييرات جذرية في خريطة القوى الإقليمية، وأسفرت عن تراجع نفوذ إيران، مما خلق فراغًا جيوسياسيًا تسعى كل من تركيا وإسرائيل لملئه.
وأضاف نعمة، في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن أنقرة بدأت تتحرك بفعالية لتعزيز مكانتها كقوة قيادية في العالم الإسلامي، عبر تطوير قدراتها العسكرية، في محاولة لعزل إسرائيل وإفشال اتفاقيات إبراهيم التي أحدثت محورًا جديدًا في المنطقة.
تقويض هيبة طهران الردعية
وأشار إلى أن إسرائيل عززت قدراتها الردعية بعد الحرب، مستفيدة من الغارات الجوية والعمليات الاستخباراتية التي استهدفت "محور المقاومة"، مما أدى إلى تقويض هيبة طهران الردعية التي بنتها على مدى سنوات، مؤكداً أن الصورة الاستراتيجية انقلبت بشكل جذري، وبرز الفراغ الاستراتيجي الذي حاولت كل من تركيا وإسرائيل استغلاله لتوسيع نفوذهما في المنطقة.

عبد الله نعمة: تركيا استفادت من الضربات الإسرائيلية لإيران
وأردف قائلاً: "رغم أن أنقرة كانت تنتهج سياسة موالية نسبيًا لإيران في بعض الملفات، فإن الإهانة العسكرية التي تلقتها طهران كانت من وجهة نظر تركيا تطورًا إيجابيًا، وأعادت خلط الأوراق في الصراع على القيادة الإسلامية والإقليمية".
وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طالب، خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي، بتحويل المنظمة إلى قوة ردع أحادية القطب تقودها أنقرة، في خطوة تعكس تطلع تركيا لقيادة العالم الإسلامي، لكن في الوقت ذاته، أبدت أنقرة قلقًا بالغًا من انهيار تام للنظام الإيراني.
وأضاف: "الخوف الأكبر لدى تركيا هو أنه في حال تفككت إيران، فقد يسعى الأكراد إلى إعادة إقامة جمهوريتهم التاريخية، مما قد يشعل موجة انفصالية داخل تركيا نفسها، ومن جهة أخرى فإن ملايين المواطنين من أصول أذرية في شمال غرب إيران قد يطالبون بالاتحاد مع أذربيجان، الحليف التركي، وهو سيناريو قد يجعل من إسرائيل الرابح الأكبر من سقوط النظام الإيراني، وهو ما تدركه أنقرة جيدًا، ولهذا لا ترغب في اختفاء النظام الإيراني بشكل كامل".
قال نعمة إن مصر كانت من أوائل الدول التي انتقدت الحرب الإسرائيلية على إيران، مشيرًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعرب بوضوح عن موقفه في تصريحات قوية، مشدداً على أن الخلافات العربية مع إيران يجب أن تُحل دبلوماسيًا، لا بالحرب أو التصعيد العسكري، وأن مصر دولة قيادية في الشرق الأوسط.
