إيهاب عيد: الأبناء فقدوا الثقة في الأسرة بسبب فوضى المعلومات والتكنولوجيا

حذر الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الطب السلوكي للصحة العامة، من التأثيرات السلبية لتعدد مصادر المعلومات على الأطفال داخل المجتمع المصري، مشيرًا إلى أن الأسرة لم تعد المصدر الأساسي للمعرفة والتوجيه كما كانت في السابق، وذلك في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا والمحتوى الرقمي غير المنضبط.
وخلال لقائه ببرنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" على قناة CBC، سلط الدكتور إيهاب عيد الضوء على حالة الفوضى المعلوماتية التي يعيشها الأبناء، والتي أدت إلى فقدانهم الثقة في ذويهم، والبحث عن إجاباتهم في مصادر أخرى، غالبًا ما تكون غير دقيقة أو منحازة.
فوضى معلوماتية داخل البيوت
أوضح إيهاب عيد أن الأطفال اليوم يتعرضون لفيض من المعلومات من مصادر خارجية متعددة، أبرزها الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هذا الكم الهائل من المعلومات يصعب على الطفل التمييز فيه بين الصحيح والخطأ.
وأكد إيهاب عيد أن غياب دور الأب والأم كمرجع موثوق للمعلومة أصبح مشكلة متكررة داخل الأسر، وقال: "الأبناء لا يثقون في حديث آبائهم لأنهم يرون التناقض في كلامهم أو لغة جسدهم، وهو ما يؤدي إلى فقدان الثقة والشعور بالتشويش".
التكنولوجيا تحل محل الأسرة
لفت الدكتور إيهاب عيد إلى أن الأطفال في العصر الحالي يلجأون إلى التكنولوجيا كمصدر بديل للمعرفة، مضيفًا: "الطفل عندما يشعر بأن الأبوين غير واثقين في أنفسهم أو مترددين في نقل المعلومة، يلجأ إلى المنصات الإلكترونية التي أصبحت الملاذ الأول للكثير من الأبناء".
وأشار إيهاب عيد إلى أن هذا التحول أدى إلى انكماش دور الأسرة التربوي والتثقيفي، موضحًا أن "البساط انسحب تدريجيًا من تحت الأسرة"، نتيجة عدم التفاعل الواعي مع أدوات العصر الرقمي، وعدم تطوير مهارات التواصل داخل المنزل.
الذكاء الاصطناعي لا يغني
أكد إيهاب عيد أن الاعتماد الكلي على التكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي للحصول على المعلومات، خاصة للأطفال، يمثل خطرًا حقيقيًا على تكوينهم المعرفي والسلوكي، قائًلا: "لا يمكن الوثوق الكامل في أدوات الذكاء الاصطناعي، فهي تجمع معلومات من منصات مختلفة، لكنها لا تميز دائمًا بين المعلومة الصحيحة والمغلوطة".
وأضاف إيهاب عيد أن "الفكرة الأساسية في التربية والتعليم ليست في تجميع المعلومات، بل في فهمها وتفسيرها والتفاعل معها، وهو ما لا تستطيع التكنولوجيا وحدها أن توفره".

بناء الثقة داخل الأسرة
في ختام حديثه، دعا الدكتور إيهاب عيد الآباء والأمهات إلى استعادة دورهم كمرجعية أساسية لأبنائهم، وذلك من خلال تعزيز الثقة، والوضوح في التواصل، والحرص على تقديم معلومات صحيحة ومدروسة لأطفالهم، بعيدًا عن التناقض أو التردد.
كما شدد إيهاب عيد على ضرورة تثقيف الوالدين أنفسهم تكنولوجيًا حتى يتمكنوا من مواكبة التطورات الحديثة ومساعدة أبنائهم على التفاعل السليم مع مصادر المعرفة الرقمية.