عاجل

صلاة قيام الليل.. هل يجوز أداء أربع ركعات متصلات خشية التكاسل؟

قيام الليل
قيام الليل

هل يجوز صلاة قيام الليل أربع ركعات متصلات خشية التكاسل لو تم الفصل في الصلاة؟، سؤال أجابته لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

حكم قيام الليل أربع ركعات متصلات

وقالت لجنة الفتوى إن السنة في قيام الليل أن يكون ركعتين ثمَّ يسلم عقبهما وهكذا، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لما روى عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ - وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ - إِلَى الْفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ..). [صحيح مسلم (1/ 508)].

وتابعت: يجوز صلاة أربع ركعات متصلات يفصل بينهم بالتشهد، على المفتي به من قول الحنفية، وهو خلاف الأولى، ولا يمتنع أن تبدأ صلاة الليل كذلك حتى تعتاد القيام ويسهُل عليك ثم تُصلى مثنى كما هو مذهب الجمهور.

وساتدلت بقول ابن قدامة رحمه الله: (وصلاة التطوع مثنى مثنى يعني يسلم من كل ركعتين، والتطوع قسمان؛ تطوع ليل، وتطوع نهار، فأما تطوع الليل فلا يجوز إلا مثنى مثنى، هذا قول أكثر أهل العلم، وبه قال أبو يوسف، ومحمد، وقال أبو حنيفة: إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعا، وإن شئت ستا، وإن شئت ثمانيًا، ولنا، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى» متفق عليه. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مفتاح الصلاة الطهور، وبين كل ركعتين تسليمة». رواه الأثرم. (المغني لابن قدامة (2/ 91).

لماذا حث الإسلام على قيام الليل؟.. أسرار عظيمة

صلاة القيام من السنة المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد مدح الله تعالى عباده الذين هم أهل الجنة بأنهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، وقال تعالى مادحًا لهم أيضًا: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، وروى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وهي تُصَلَّى مثنى مثنى، كما ورد بالسؤال؛ وذلك لرواية "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قـال: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ».

الذنوب التي تصرف عن قيام الليل

كثرة الذنوب والإصرار على المعاصي - ولو كانت صغارًا - سببٌ في حرمان العبد من قيام اللَّيل، وإنَّ العبدَ لَيُحْرَمُ الرِّزقَ بالذَّنب يصيبه، وأيُّ رزق أكبرُ من التَّوفيق للقيام لمناجاة الله ولقائه؛ قال رجلٌ للحسن: «يا أبا سعيد؛ إنِّي أَبيتُ معافى، وأحبُّ قيامَ الليل، وأُعدُّ طهوري؛ فما لي لا أقوم؟ فقال: ذنوبُك قَيَّدَتْك».

اتِّباعُ الهوى والابتداعُ في الدِّين يُقَلِّلُ القيامَ؛ فعلى المؤمن إذا كان في شرَّةِ (الشرة: الحماس وهو ضد الفتور) وقوة أن يعملَ متَّبعًا السنةَ ولا يبتدع؛ فإن ممَّن تعلَّقوا بالقيام ولم يهتدوا للسُّنَّة فيه من أثر عنه أنه كان يصلي الليل ولا ينام، أو مَنْ أُثر عنه أنَّه يقرأ القرآن كلَّه في قيام ليلة؛ وهذا ابتداع وخلاف للهدي النبويِّ؛ بل إنَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وغضب على مَنْ أراد أن يفعل ذلك وقال: «من رغب عن سنتي فليس مني».

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: «﴿ قُمِ اللَّيْلَ ﴾ قبل الفجر.. استيقظ.. وما الذي يجعلك تستيقظ؟ إنك تريد الله .. صل ركعتين واختمهما بركعة للوتر، (كان رسول الله ﷺ يصلي صلاة الليل مثنَى مثنَى، فإذا خشي الصبح أَوتر بركعة) (رواه أحمد في مسنده).. صلِّ بالليل فإن الليل صاحب القرآن، والليل فيه السكينة، وفي ثلثه الأخير ينزل ربنا سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: (من يسألني فأعطِيَه، من يستغفِرُني فأغفِرَ له) (البخاري) فالله سبحانه وتعالى يعطيك فرصة، وفي هذه الأوقات بركة، وهذه البركة تتنزل فيها الأسرار والأنوار؛ الأسرار التي تنبثق من قلبك لتعلم الأدب مع الله، والأنوار التي تطمئن قلبك وتوجد البركة في حركاتك وسكناتك في يومك».

تم نسخ الرابط