هل تجوز صلاة قيام الليل على الكرسي ؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

يثير سؤال “هل يجوز أداء صلاة قيام الليل جالسًا على الكرسي؟” حالة من الجدل بين كثير من المسلمين، خاصة من كبار السن، وأصحاب الظروف الصحية، وحتى من يواجهون مشقة في الوقوف أو طول الصلاة.
وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية أن أداء صلاة قيام الليل أو غيرها من النوافل جالسًا على كرسي جائز شرعًا، ولا حرج فيه، بل هو داخل ضمن الرخصة النبوية الواردة في السنة الصحيحة.
قيام الليل نافلة.. والجلوس فيه جائز عند المشقة
أوضحت دار الإفتاء عبر منصاتها الرسمية أن صلاة قيام الليل من السنن والنوافل، وليست من الصلوات المفروضة التي يُشترط فيها القيام إلا عند القدرة، لذلك فإن القيام في صلاة النافلة ليس فرضًا، ومن ثَمّ فإن الجلوس فيها مباح، وخاصة عند وجود عذر صحي أو مشقة حقيقية.
وأضافت الدار أن من صلى جالسًا لعذرٍ، كمرضٍ أو تعبٍ أو مشقةٍ شديدة، فإن له أجر القائم كاملًا، لقول النبي ﷺ:
“إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا”
(رواه البخاري)
أما إن جلس بلا عذر، فله أجر لكنه دون أجر القائم، كما جاء في الحديث الصحيح:
“صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم”
(رواه البخاري)
النبي ﷺ صلى النافلة جالسًا
استدلت الفتوى بما ورد عن النبي ﷺ نفسه أنه كان أحيانًا يصلي النافلة جالسًا، كما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها:
“كان رسول الله ﷺ يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع وسجد”.
وأوضحت الفتوى أن الرخصة في الجلوس تشمل كل من يصلي نفلًا، سواءً في بيته أو في المسجد، وسواءً استخدم الكرسي أو جلس على الأرض، ما دام يؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب.
التيسير مقصد شرعي
أكد علماء الشريعة أن التيسير من مقاصد الدين الكبرى، وأن الإسلام لا يُكلف نفسًا إلا وسعها، ولذلك فالمطلوب من المسلم أن يُصلي بما يستطيع من الحركات، فإن عجز عن القيام صلى جالسًا، وإن عجز عن الجلوس صلى على جنبه
القيام ركن في الفريضة.. لكن يُسقطه العذر
أكدت دار الإفتاء أن القيام ركن من أركان الصلاة المفروضة، ولا تصح الفريضة بدونه لمن كان قادرًا عليه، لقوله تعالى:
﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]
ولقول النبي ﷺ للمسيء في صلاته:
“ثم قم حتى تطمئن قائمًا…” (رواه البخاري ومسلم)
لكن مع ذلك، فمن عجز عن القيام لعذرٍ؛ كمرض، أو كبر سن، أو ضعف، أو ألم لا يحتمل، جاز له أن يصلي جالسًا، بل يُؤجر على صلاته كاملاً دون نقصان، لقول النبي ﷺ:
“إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم” (رواه البخاري ومسلم)
كيف يُصلي الجالس فريضة على الكرسي؟
أوضحت الفتوى أن المريض الذي يصلي جالسًا عليه أن يلتزم بالترتيب التالي حسب القدرة:
1. إن استطاع أن يقوم للتكبير وقراءة الفاتحة ثم جلس، فليفعل.
2. وإن عجز عن القيام تمامًا، فليصلِ جالسًا على كرسي.
3. ويؤدي الركوع والسجود قدر استطاعته، فإن لم يستطع السجود، أومأ برأسه، ويجعل الإيماء للسجود أخفض من الركوع.
وشددت الإفتاء على ضرورة عدم ترك الصلاة بحجة المرض أو عدم القدرة على السجود أو الوقوف، لأن التيسير متاح، والصلاة لا تسقط ما دام العقل حاضرًا.
من صلى جالسًا لعذر له الأجر كاملًا
استندت الفتوى إلى حديث النبي ﷺ:
“إذا مرض العبد أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا” (رواه البخاري)
فمن اعتاد الصلاة قائمًا، ثم اضطر إلى الجلوس لعذر، فإن له أجر الصلاة كاملة كما لو أداها واقفًا