عاجل

أحداث الفتنة الكبرى.. متى بدأت وأين انتهت؟ (القصة الكاملة من 35 - 61 هـ)

الفتنة الكبرى
الفتنة الكبرى

تتصدر الفتنة الكبرى محركات البحث خاصة مع عودة جدال السنة والشيعة في شأن يزيد بن معاوية والحسين بن علي رضي الله عنه، وبالرغم من أن أحداث الفتنة الكبرى تعود إلى زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان وانتهت بمقتله، إلا أن الأحداث الخاصة بالفتنة الكبرى دائمًا ما ارتبطت بالإمام علي كرم الله وجهه، فما هي أحداث الفتنة الكبرى وما علاقة يزيد والحسين بها؟

أحداث الفتنة الكبرى

تطلق الفتنة الكبرى ويقصد منها أحداث مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 35 هجريًا، وما تبعها من أحداث حول السلطة والقصاص من قتلته، وتطلق أيضا ويقصد منها خلاف علي ومعاوية وواقعة التحكيم، وتتوج عند الشيعة بأحداث كربلاء ومقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما وملاحقة يزيد بن معاوية بدمه لاعتبارات سياسية بالمقام الأول سنة 61 للهجرة.

جاء في ذكر الفتنة الكبرى أنها بداية الفتن وأن نهايتها خروج الدجال، حيث قال الأعمش: عن زيد بن وهب، عن حذيفة أنه قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن الدجال. وروى الحافظ ابن عساكر من طريق شبابه، عن حفص بن مورق الباهلي، عن حجاج بن أبي عمار الصواف، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حُبِّ قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه، آمن به في قبره.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا وغيره: أنا محمد بن سعد، أنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا أبو الأشهب، حدثني عوف، عن محمد بن سيرين، أن حذيفة بن اليمان قال: اللهم إن كان قتل عثمان بن عفان خيرا، فليس لي فيه نصيب، وإن كان قتله شرا فأنا منه بريء، والله لئن كان قتله خيرا ليحلبنه لبنا، وإن كان قتله شرا ليمتص به دما.

مقتل عثمان رضي الله عنه

يذكر طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى: «أصبح عثمان غداة تلك الليلة صائمًا، وتحدَّث إلى أصحابه بأنه مقتول من ذلك اليوم. فلما قال له أصحابه: يكفيك الله عدوَّك يا أمير المؤمنين، قال: لولا أن تقولوا تمنى عثمان لحدثتكم حديثًا عجيبًا. قالوا: فإنا لا نقول ذلك. قال: إني رأيت رسول الله ﷺ ومعه أبو بكر وعمر، فقال لي: «أفطر عندنا الليلة يا عثمان».

ومضى عثمان بعد ذلك في حديثه مع أصحابه فقال لهم فيما قال: لِمَ يقتلونني؟ وقد سمعت رسول الله، ﷺ، يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنا بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس.» فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلًا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسًا، ففيم يقتلونني؟١ ثم مضى في الحديث مع أصحابه فقال: لئن قتلوني لم يصلُّوا بعدي جميعًا أبدًا، ولم يقاتلوا عدوًّا جميعًا أبدًا. ثم مضى بعد ذلك في حديثه مع أصحابه ينهاهم عن القتل والقتال وهو يلحون عليه في قتالهم، فقال: إن رسول الله، ﷺ، قد عهد إليَّ عهدًا فأنا صابر على العهد الذي عهده إليَّ حتى أُصْرَعَ في المصرع الذي كتب عليَّ أن أُصْرَعَ فيه. وظل كذلك يتنقل مع أصحابه بين هذه الأحاديث حتى أقبلوا عليه فقتلوه.

وشدد أن الناس يختلفون فيه وفي قاتليه أشد الاختلاف وأعظمه. ولكن الشيء الذي لا يقبل شكًّا ولا نزاعًا، أن الله لم يحلَّ دم عثمان لقاتليه. فقد يكون مخطئًا في سياسته وقد يكون مصيبًا، وقد يكون أصحابه قد جاروا عن علم أو عن غير علم. فأقصى ما يباح للمنكرين عليه والمخاصمين له، أن يثوروا به ويحملوا الأمة على هذه الثورة؛ فإن ظفروا باجتماع الكلمة على خصومته اختاروا من المسلمين ممثلين للأمصار والأقاليم، وكان على هؤلاء الممثلين أن يحاوروا عثمان ويناظروه، وأن يقولوا له ويسمعوا منه؛ فإن رأوا إقراره أقروه، وإن رأوا خلعه خلعوه ثم اختاروا للمسلمين إمامًا مكانه، ثم تركوا للإمام محاسبة عثمان على ما يمكن أن يكون لهم قبله من الأموال والدماء. فأما أن ينتدب الثائرون ولم يوكلهم المسلمون عنهم فيخلعوا الإمام، فلم يكن ذلك لهم. فكيف وهم لم يخلعوه، وإنما سفكوا دمه، وكان دمه حرامًا كدم المؤمنين جميعًا، وكانت لدمه بعد ذلك حرمة أخرى هي حرمة الخلافة؟.

فتنة علي ومعاوية.. ماذا قال الشعراوي عنها؟

تعددت الأحداث بين علي رضي الله عنه ومعاوية بعد مقتل عثمان ما بين صفين والجمل والتحكيم وخلافه إلا أن من بين الذين تحدثوا في الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية الشيخ الشعراوي الذي قال في خواطره: لما تولَّى عليٌّ - كرَّم الله وجهه - بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وقامت المعركة بين علي ومعاوية؛ ثم اتفق الطرفان على عَقْد معاهدة؛ وكتب الكاتب "هذا ما قاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب" فقال عمرو بن العاص مندوب معاوية: "اكتب اسمه واسم أبيه، هو أميركم وليس أميرنا". وهنا تذكَّر علي - كرم الله وجهه - ما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَتُسَام مثلها فتقبَّل" وقَبِلها فقال: "امْحُ أمير المؤمنين، واكتب هذا ما قاضى عليه علي بن أبي طالب" وتحققت مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن الوقائع التي تُثبِّتُ الإيمانَ؛ نجد قصة عمار بن ياسر، وكان ضمن صُفوف علي - كرَّم الله وجهه وأرضاه - في المواجهة مع معاوية؛ وقتله جُنود معاوية؛ فصرخ المسلمون وقالوا: "وَيْحَ عمار، تقتله الفئة الباغية". وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال. وبذلك فَهِم المسلمون أن الفئة الباغية هي فئة معاوية، وانتقل كثير من المسلمين الذين كانوا في صَفِّ معاوية إلى صَفِّ علي بن أبي طالب؛ فذهب عمرو بن العاص إلى معاوية وقال: تفشَّت في الجيش فَاشِية، إنِ استمرتْ لن يبقى معنا أحد؛ فقد قتلنا عمار بن ياسر؛ وذكر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "وَيْحَ عمار، تقتله الفِئة البَاغِية" وقد فَهِم المقاتلون معنا أن الفئة الباغية هي فئتنا. وكان معاوية من الدهاء بمنزلة؛ فقال: اسْعَ في الجيش وقُلْ: "إنما قتله مَنْ أخرجه" ويعني عليّاً.

فتنة يزيد والحسين.. استشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم

انتهت فتنة علي ومعاوية بمقتل الإمام علي كرم الله وجهه وتنازل الإمام الحسن بن علي لمعاوية بالخلافة، إلا أن الفتنة الكبرى لم تتوقف فقد عادت من جديد في خلافة يزيد بن معاوية لأبيه حيث عارضه الإمام الحسين بن علي أن ينصب خليفة للمسلمين وانتهت أيضا باستشهاده رضي الله عنه.

وقد حدثت معركة كربلاء وتسمى أيضا واقعة الطف على مدار ثلاثة أيام وختمت في 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 12 أكتوبر 680م، وقيل في نتائجها أنه قتل الحسين وجميع صحبه وبعض أهل بيته، ولم تكتب النجاة سوى لعلي بن الحسين. 

وانقسم المسلمون في استشهاده بين متهمٍ ولاعن ليزيد باعتباره مسؤولًا سياسيًا عن أفعال جيشه في أحداث كربلاء، وبين مدافعٍ عنه باعتباره لم يأمر ولم يحتفل ولم يشارك في فتنة مقتل الحسين رضي الله عنه، إلا أن الأحداث تبقى واحدة من الفتن التي راج خلالها أهواء وأطراف واستغلها من الخوارج والشيعة وغيرهم لترويج مذاهبهم وأهدافهم.

تم نسخ الرابط