أستاذ طب نفسي يوضح تأثير رمضان على إعادة التوازن الروحي (فيديو)

أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن شهر رمضان يمثل محطة سنوية لمراجعة النفس وإعادة تقييم السلوكيات، وهو فرصة ذهبية للإنسان كي يسأل نفسه يوميًا: هل أصبحت أكثر تسامحًا وهدوءًا وطمأنينة؟ هل تزايد كرمي وعطائي؟ أم أنني أزداد عصبية وصراعًا مع الآخرين؟
علاج نفسي متكامل
وأوضح المهدي، خلال حديثه في برنامج راحة نفسية، المذاع على قناة الناس، أن رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو نظام علاجي متكامل للنفس البشرية، حيث تسهم العبادات المختلفة في تهذيب الضمير وتطهيره من الملوثات التي تراكمها الحياة اليومية.
وأشار المهدى، إلى أن العبادات مثل الصلاة، والصدقة، وقيام الليل، والزكاة، والتواصل الاجتماعي، تعمل على تنقية الروح وإعادة التوازن النفسي للإنسان، مضيفا أن الإنسان في زحام الحياة قد يتعرض لضغوط وأطماع تؤدي إلى تشويه ضميره الداخلي، مما ينعكس على سلوكياته وعلاقاته بالآخرين؛ وهنا يأتي دور رمضان كـ"دورة صيانة سنوية للضمير"، تساعده على إعادة ضبط اتجاهاته واستعادة صفائه الداخلي، مشبهًا الضمير بالبوصلة التي توجه الإنسان نحو الخير وتحذره من الشر، والتي قد تختل بفعل المؤثرات السلبية المحيطة.
تأثير الصيام
وأشار الدكتور المهدي، إلى أن الصيام، بما يتضمنه من جوع وعطش، يلعب دورًا مهمًا في تهدئة الغرائز، مما يمنح الروح فرصة للسمو والارتقاء، قائلا : "كلما ضعف الجسد، قويت الروح، وهذا هو سر التحول الإيجابي الذي يشعر به كثيرون خلال الشهر الكريم."
وأوضح، أن الامتناع عن الطعام والشراب لساعات طويلة يساعد الإنسان على التحكم في شهواته وانفعالاته، ويعزز من قدرته على التحمل والصبر، مما ينعكس على سلوكياته في الحياة اليومية، حيث يصبح أكثر رحمة وهدوءًا وسكينة. كما أن الشعور بالجوع يجعل الإنسان أكثر إحساسًا بمعاناة الفقراء، فيوقظ فيه مشاعر العطاء والتضامن الاجتماعي.
الأخلاق والتوازن النفسي
وأكد أستاذ الطب النفسي ، أن رمضان يعد مدرسة للتربية الأخلاقية والنفسية، حيث يتعلم الإنسان خلاله ضبط النفس، وكبح جماح الغضب، والتسامح مع الآخرين. فالصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام فقط، بل يشمل أيضًا الامتناع عن السلوكيات السلبية مثل الغيبة، والنميمة، وسوء الظن، والغضب المفرط، وهو ما يسهم في تحسين الصحة النفسية وتعزيز الروابط الاجتماعية.
وأشار المهدى، إلى أن الكثير من الدراسات النفسية أثبتت أن ممارسة العبادات بانتظام خلال رمضان تساعد في تقليل التوتر والقلق، وتحسن الحالة المزاجية، حيث تمنح الإنسان شعورًا بالطمأنينة والرضا، بفضل التقرب إلى الله والإحساس بالسكينة الروحية.

الاستفادة من رمضان
وشدد الدكتور محمد المهدي، على ضرورة استغلال شهر رمضان ليس فقط في أداء العبادات، بل أيضًا في تطوير الذات وإعادة تقييم السلوكيات والعلاقات، داعيًا الجميع إلى اغتنام هذه الفرصة لإصلاح النفس، والتحلي بالصبر والرحمة، والعمل على تعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، حتى تستمر هذه الروح الطيبة بعد انتهاء الشهر الكريم.