بعد واقعة أسامة فيصل.. هل يحق لمؤسسات عامة التدخل في سوق الانتقالات؟

في واحدة من القضايا التي فتحت بابًا واسعًا للجدل في سوق الانتقالات الصيفية بمصر، تصدّرت أنباء استياء النادي الأهلي من سلوكيات إدارة نادي البنك الأهلي المشهد الكروي، بعد فشل صفقة انتقال اللاعب أسامة فيصل إلى القلعة الحمراء، في الوقت الذي اقترب فيه البنك ذاته من شراء مصطفى شلبي من نادي الزمالك، في صفقة وُصفت بأنها "ضخمة ماليًا" وغير مبررة من حيث القيمة السوقية.
طالع | غضب في الأهلي بسبب الإتربي.. البنك يُعرقل صفقة ويمنح الزمالك طوق نجاة
المثير في القضية، كما أورد موقع "نيوز رووم"، لا يتعلق فقط بتفاصيل الصفقات، بل بالفاعل الإداري الذي يقف خلفها: محمد الأتربي، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي، والذي سبق له شغل منصب نائب رئيس نادي الزمالك بالتكليف. هذا التداخل بين المواقع الرسمية والرياضية أعاد إلى الواجهة تساؤلًا حيويًا: هل يُسمح لمؤسسات عامة بالمشاركة في سوق الانتقالات دون قيود؟ وما موقف لوائح الفيفا واتحاد الكرة من تعارض المصالح؟
لوائح الفيفا وتعارض المصالح
تُعد المادة (19) من "مدونة أخلاقيات الفيفا" مرجعًا أساسيًا في هذا السياق، إذ تنص على ضرورة تجنب أي حالة تعارض مصالح يمكن أن تؤثر على نزاهة القرارات الرياضية أو المالية. وتشير المادة بوضوح إلى أنه يجب على الأفراد الذين يشغلون مناصب ذات طابع مزدوج أو مؤثر الامتناع عن اتخاذ قرارات قد تخدم أطرافًا تربطهم بهم صلات شخصية أو مهنية سابقة.
في الحالة المصرية، يملك محمد الأتربي صفة رسمية (رئاسة مؤسسة مصرفية حكومية) وفي الوقت ذاته سجلًا إداريًا سابقًا في نادٍ رياضي منافس، وهو ما قد يضع قرارات البنك الأهلي موضع الشك، خاصة إذا تبيّن أن هناك مفاضلة غير موضوعية في التعامل مع أندية مثل الأهلي والزمالك.
الأندية المملوكة لمؤسسات عامة.. حرية مشروطة
لا تمنع القوانين الأندية المملوكة لمؤسسات عامة أو شبه حكومية من التفاوض في سوق الانتقالات، لكن ذلك يجب أن يتم وفق مبادئ النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص، وهو ما يتطلب وجود لوائح داخلية صارمة تضبط العلاقة بين الجهة المالكة والإدارة الرياضية للنادي.
في العديد من الدول، يُفرض على هذه الأندية فصل تام بين الجهاز التنفيذي للمؤسسة العامة وبين الإدارة الرياضية، تفاديًا لأي استغلال للسلطة المالية أو السياسية في التأثير على قرارات تخص التنافس الرياضي. كما أن بعض الاتحادات المحلية (مثل الاتحاد الإنجليزي) تطلب من مسؤولي الأندية الإفصاح عن أي علاقات سابقة أو حالية قد تؤدي إلى تضارب مصالح عند توقيع الصفقات.
ماذا تعني واقعة الأهلي والبنك الأهلي؟
إن رفض إدارة البنك الأهلي صفقة أسامة فيصل رغم تقدمها إلى مراحل متقدمة، بالتوازي مع عرض "سخي" لضم لاعب من الزمالك، في ظل رئاسة الأتربي لكلا الجهتين سابقًا وحاليًا، يضع علامات استفهام حقيقية حول معايير العدالة والحيادية في اتخاذ القرار.
حتى وإن لم تكن هناك مخالفة صريحة للوائح، فإن مجرد ظهور شبهة تضارب مصالح يضعف من مصداقية السوق ويُربك قواعد التفاوض.
التحرك داخل سوق الانتقالات ليس مجرد عملية بيع وشراء، بل هو ساحة تحكمها الاعتبارات القانونية والشفافية.
وفي الحالات التي تتداخل فيها المؤسسات العامة مع الأندية الرياضية، تصبح الحاجة ماسة إلى لوائح صارمة تمنع تسييس أو توجيه الصفقات لصالح طرف دون الآخر.