هل الصيام قبل العمليات الجراحية ضروري؟ .. دراسة طبية تجيب

منذ سنوات طويلة، أصبح الصيام قبل العمليات الجراحية قاعدة طبية ثابتة، يُطلب من المرضى الامتناع عن تناول الطعام والشراب لساعات طويلة تحسبًا لحدوث مضاعفات أثناء التخدير، إلا أن دراسة تحليلية حديثة أعادت النظر في هذا الإجراء، وطرحت تساؤلات جديدة حول ضرورته الفعلية.
تحليل شامل يُشكك في فعالية الصيام
البحث، الذي نُشر في مجلة Surgery تحت إشراف الدكتور إدوارد ليفينجستون، أستاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، اعتمد على مراجعة بيانات 17 دراسة سابقة شملت 1791 مريضًا، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين:
- مجموعة أولى (990 مريضًا) خضعت للصيام التقليدي قبل الجراحة.
- مجموعة ثانية (801 مريضًا) لم يُفرض عليها الصيام.
الهدف كان قياس مدى تأثير الصيام على تقليل خطر "الاستنشاق الرئوي" أثناء التخدير، وهو حدوث انتقال غير مقصود لمحتويات المعدة إلى الرئة، وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي أو فشل الجهاز التنفسي.
المفاجأة تمثلت في أن معدل الاستنشاق الرئوي بلغ 0.7% في المجموعة الصائمة، مقابل 0.5% في المجموعة غير الصائمة، وهو فارق بسيط لا يدعم الفرضية الطبية التقليدية التي تقول إن الصيام يُقلل من هذه المخاطر بشكل ملحوظ
بحسب الدكتور ليفينغستون، فإن النتائج لا تعني بالضرورة أن الصيام إجراء غير مفيد تمامًا، لكنها تؤكد أن هذا التقليد الطبي يحتاج إلى مراجعة علمية شاملة، فقد تم بناء السياسات الحالية على افتراضات لم تُدعَم بأدلة كافية في العديد من الحالات، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الإجراءات الروتينية قد تحتاج إلى تحديث مع تطور الطب وتغير ظروف الرعاية الصحية.
وأوصى الباحثون بضرورة إجراء دراسات أكبر تشمل أنماطًا مختلفة من المرضى والجراحات، مع النظر في إمكانية اعتماد بروتوكولات مرنة تتوافق مع حالة كل مريض، بدلًا من تطبيق سياسة الصيام الإجباري على الجميع.
كما أكدوا أن غياب نمط صيام موحد ثبتت فعاليته، يُضعف من حُجية استمرار التمسك بهذا الإجراء باعتباره قاعدة صارمة.
هل نشهد تغييرًا عالميًا قريبًا في ممارسات ما قبل الجراحة؟
تشير هذه الدراسة إلى بداية تحول محتمل في السياسات الصحية العالمية، حيث لم تعُد القواعد القديمة بالضرورة هي الأفضل، وإذا ما أثبتت دراسات قادمة صحة هذه النتائج، فقد يصبح الصيام قبل الجراحة خيارًا فرديًا يتم تحديده حسب حالة كل مريض ونوع الجراحة، لا إجراءً إلزاميًا كما هو الحال حاليًا.