عاجل

زيادة أسعار قماش «التنجيد» تهدد صناعة الأثاث في دمياط

أحد العاملين فى مجال
أحد العاملين فى مجال تجارة أقمشة التنجيد بدمياط

تشهد محافظة دمياط، معقل صناعة الأثاث في مصر، أزمة جديدة تهدد استقرار أحد أهم أعمدة الاقتصاد المحلي، وهي أزمة ارتفاع أسعار "قماش التنجيد"، أحد المكونات الأساسية في صناعة الأثاث الدمياطي المعروف بجودته العالية وتاريخه العريق. وقد أثارت هذه الزيادة غضب وقلق الصناع والتجار على حد سواء، في ظل ركود السوق وتراجع الإقبال على الشراء.

وفي هذا السياق، التقت عدسة الصحافة مع أحد العاملين بمجال صناعة وتجارة الأثاث في دمياط، وهو الأستاذ محمد فوزي، صاحب ورشة ومحل لبيع الأثاث وتنجيده، والذي تحدث بصراحة عن حجم المشكلة وتأثيرها الكبير على السوق الدمياطي.

الأسعار ارتفعت بشكل مفاجئ

يقول "فوزي": "كنا متعودين على زيادة بسيطة في الأسعار كل فترة، وده شيء طبيعي مع تغيرات السوق، لكن اللي حصل السنة دي غير معتاد. سعر المتر الواحد من قماش التنجيد ارتفع بنسبة تتجاوز 60%، وبعض الأنواع الشعبية زادت من 40 إلى 70 جنيهاً، أما القماش المستورد فحدث ولا حرج، المتر بقى بـ130 و140 جنيه، وكان قبل كده بـ75!"

وأكد أن هذه الزيادة لم تكن مبررة بشكل واضح، مضيفاً: "مفيش زيادة رسمية في الجمارك أو مصاريف الشحن تبرر الطفرة الكبيرة دي. اللي حصل إن التجار الكبار استغلوا الأزمة الاقتصادية وعدم وجود رقابة حقيقية ورفعوا الأسعار، واحنا كصناع صغيرين مش قادرين نواكب ده، والمواطن كمان مش قادر يشتري."

إحجام عن الشراء وركود بالسوق

يرى "فوزي" أن هذه الزيادة جاءت في وقت يعاني فيه السوق أصلاً من ركود، قائلاً: "إحنا داخلين على موسم الصيف، والمفروض ده وقت الشغل والطلبات، لكن للأسف الإقبال شبه معدوم. 

وأكد أن الوضع لا يضر الصناع فقط، بل يهدد مستقبل عمال التنجيد، والنجارين، والدهانين، وغيرهم من الحرفيين الذين يعيشون من صناعة الأثاث.

البدائل ضعيفة.. والصنايعية في ورطة

يشير "فوزي" إلى أن الخيارات البديلة محدودة، موضحاً: "في ناس بدأت تلجأ لقماش صيني أرخص وجودته أقل، لكن دي مغامرة، لأن الزبون مش هيرضى بحاجة ضعيفة، ولو رجع القعدة أو التنجيد يبوز بعد شهر، يبقى احنا خسرنا سمعتنا ومكسبنا."

وأوضح أن عدداً من الورش اضطر لتقليل الإنتاج، أو التوقف مؤقتاً، لحين استقرار الأسعار، وبعضهم فصل عدد من العمال نتيجة انخفاض حجم الطلب.

مطالب بتدخل الدولة

وطالب "محمد فوزي" المسؤولين في الغرف التجارية ووزارة الصناعة بسرعة التدخل للسيطرة على الوضع، مؤكداً أن صناعة الأثاث في دمياط كنز قومي لا يجب أن يُترك للمضاربة وفوضى السوق.

وقال: "إحنا مش بنطلب دعم مالي، إحنا عايزين رقابة عادلة على أسعار الخامات، وتوفير القماش بسعر مناسب من خلال المنافذ الحكومية أو التعاونيات. ليه ميبقاش في استيراد مباشر بإشراف الدولة ويُوزع على الصناع الصغيرين بسعر تكلفة معقول؟"

نظرة إلى المستقبل

في ختام حديثه، عبّر "فوزي" عن قلقه على مستقبل الصناعة التي ورثها عن والده وجده، قائلاً: "دمياط كلها عايشة على الأثاث، لو الصناعة وقعت، المحافظة كلها هتقع. إحنا بنشتغل بإيدينا من عشرات السنين، لكن الظروف بقت صعبة أوي، والحلول لازم تيجي من فوق قبل ما الخسائر تكبر."

أزمة ارتفاع أسعار قماش التنجيد في دمياط ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل خطر حقيقي يهدد صناعة وطنية متجذرة، تعيش عليها آلاف الأسر. وفي ظل غياب تدخل حكومي فعال، ومع تزايد الضغوط على الصناع، يبقى السؤال مطروحاً: هل تتحرك الدولة قبل فوات الأوان لإنقاذ ما تبقى من صناعة الأثاث في عروس البحر والنيل؟

 

تم نسخ الرابط