ما كيفية علاج التراخي والتكاسل عن العبادة..؟ العلماء يوضحون

يعاني كثير من الناس من فتور في الطاعة وتكاسل عن أداء العبادة، لا سيما الصلاة، وقراءة القرآن، وقيام الليل، رغم اقتناعهم بفضلها وثوابها، وشعورهم بالندم عند التقصير فيها. هذا التناقض بين ما يتمناه القلب وما تفعله الجوارح، يطرح سؤالًا: لماذا نتكاسل عن العبادة رغم حبنا لله؟ وما هو العلاج الفعّال لهذا الفتور؟
أكد علماء الشريعة أن التكاسل عن العبادة ليس مجرد ضعف لحظي، بل قد يتحول إلى عادة خطيرة تُميت القلب وتفقد العبد لذّة القرب من الله، مشيرين إلى أن العلاج يبدأ أولًا من معالجة القلب، ومجاهدة النفس، والالتزام بخطوات عملية بسيطة يمكن لكل إنسان تطبيقها.
القرآن الكريم يحذّر من الكسل في الطاعة
يشير القرآن الكريم إلى هذا السلوك في سياق ذمّ المنافقين، حيث قال تعالى:
“وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا” [النساء: 142].
وفي هذا دلالة واضحة على أن التكاسل المزمن عن الطاعة قد يكون علامة خلل في الإخلاص، وخلل في صلة العبد بربه، وهو ما يستدعي وقفة صادقة مع النفس.
أسباب التكاسل: ضعف الإيمان وتراكم الذنوب
يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن من أهم أسباب التكاسل في العبادة هو ضعف الإيمان، والانشغال بالدنيا، والركون إلى الراحة، وغياب الصحبة الصالحة، بالإضافة إلى الذنوب المتراكمة التي تُثقّل القلب وتُطفئ نوره. وأضاف: “العبد حين يبتعد عن الله، تزداد عليه وساوس الشيطان، ويثقل عليه الطاعات، بينما يشعر بالخفة في المعصية، وهذه علامة خطيرة”.
خطوات عملية للعلاج
وقد أوصى العلماء بعدد من الوسائل العملية لعلاج التكاسل عن العبادة، أبرزها:
• مجاهدة النفس: قال تعالى “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا” [العنكبوت: 69]. البداية تكون بالإصرار على الانتظام في الصلاة، ولو مع مشقة.
• التدرج في الطاعة: لا يُشترط أن يبدأ الإنسان بقيام الليل وسُور طويلة من القرآن، بل يكفي أن يُثبت لنفسه التزامًا بسيطًا ويستمر عليه، مثل ركعتين قيامًا، أو ورد يومي صغير من القرآن.
• الصحبة الصالحة: مرافقة أهل الطاعة تُعين النفس على الالتزام، وتبعث في القلب الهمة.
• الابتعاد عن المعاصي: لأن الذنب يُثقل القلب ويُبعد عن الطاعة، ومن تاب رقّ قلبه.
• الدعاء: اللجوء إلى الله بالدعاء الصادق: “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، دعاء علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأحبّ أصحابه.
إشعال الحماسة الإيمانية
كما شدد الدعاة على أهمية تجديد الإيمان من خلال سماع المواعظ، وزيارة القبور، والتفكّر في نعم الله، والتأمل في قصص الصالحين، لأن القلب إذا تحرك بالإيمان سهلت عليه العبادات، وخفّت عنه أثقال النفس