فلسطينيون لـ"نيوزرووم": لا سلام مع وجود حكومة نتنياهو

في تطور سياسي بالغ الخطورة، أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ممثلةً في وزير العدل ياريف ليفين، عن نيتها ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، وهو ما يهدد بتصعيد جديد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في وقت حساس، يتزامن مع اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يومًا، وسط ضغوط دولية متزايدة.
تصعيد إسرائيلي: نية الضم على الطاولة
في تصريحات تثير الكثير من الجدل، أعلن وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، أن الوقت قد حان للقيام بعملية ضم الضفة الغربية بشكل رسمي تحت السيادة الإسرائيلية. هذه التصريحات، التي تتزامن مع تطورات ميدانية في غزة، فتحت الباب أمام ردود فعل غاضبة على الصعيدين العربي والدولي، وخاصة من مصر والدول العربية، التي أدانت هذا القرار، هذه المواقف تأتي في وقت حساس حيث تحاول الأطراف الدولية دفع عجلة السلام في المنطقة بعد أشهر من التصعيد في غزة.
نعمان العابد: حكومة الاحتلال تكرّس سياسات الضم والتهجير
المحلل الفلسطيني والباحث في العلاقات الدولية والشؤون القانونية، نعمان توفيق العابد، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية ومنذ تشكيلها قامت على أساس الضم والاستيطان والاحتلال وإنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وحقه في تقرير مصيره، مؤكداً أن هذه الحكومة المتطرفة تنتهج سياسة واضحة المعالم تقوم على تقويض أي فرصة لتحقيق السلام أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
نعمان العابد، أكد فى تصريح خاص لـ “ نيوزرووم”، أن سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية تقوم على "مزيد من الاستيلاء على الأرض، ومزيد من بناء المستوطنات، وشق الطرق الالتفافية، وبناء الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، وتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني، وتقطيع أوصال الضفة لتتحول إلى كانتونات سكانية معزولة، مما يُفقد أي أمل في إقامة دولة فلسطينية مترابطة جغرافياً".
وأشار العابد، إلى أن ما يجري منذ السابع من أكتوبر يكشف عن مخططات إسرائيلية تستهدف تقليل عدد سكان القطاع عبر "الإبادة الجماعية والتهجير"، مؤكداً أن الكثافة السكانية العالية في القطاع تُعد عائقاً أمام خطط السيطرة الأمنية والاستيطانية الإسرائيلية ولذلك قتلت 4%منها
وأكد، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تواصل مخطط تهويد القدس الشرقية، والسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، تمهيداً لهدمه وبناء الهيكل المزعوم، في إطار عقائدي ديني وسياسي لا يعترف بالحقوق الفلسطينية ولا بفرص التعايش أو السلام.
وانتقد العابد، من يعتقدون بإمكانية تحقيق السلام مع هذه الحكومة، معتبراً أن هذه الفكرة "وهم"، وقال: "لا سلام ولا أمن بوجود هذه الحكومة وهذه الأفكار، ولا يمكن أن تُقام دولة فلسطينية في ظلها، ومن الغريب أن هناك من لا يزال يعتقد بقدرتها على تلبية متطلبات السلام"، مشيراً إلى أن حكومة الاحتلال شرعت عبر "الكنيست" قوانين ترفض إقامة الدولة الفلسطينية وتكرّس الاستيلاء على الأرض، بل وتُلزم الحكومات المتعاقبة بهذه السياسات، مما يجعل تحقيق السلام أمراً بالغ الصعوبة حتى لو جاءت حكومة جديدة لاحقاً.
وفي السياق ذاته، وجّه العابد انتقادات شديدة للإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب، قائلاً إن "ترامب يتمهل مع هذه الحكومة ويتماهى مع أفكارها، وسفيره السابق في إسرائيل كان أكثر تطرفاً من المتطرفين الإسرائيليين أنفسهم"، مشدداً على أن هذه الإدارة لا تملك أي رؤية حقيقية للسلام ولا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.
واختتم العابد تصريحه بالقول: "كل الأفكار التي تطرحها هذه الحكومة تتماهى مع طروحات إيتمار بن غفير، وهي أفكار تتناقض جذرياً مع أسس السلام والأمن سواء في فلسطين أو في المنطقة أو في العالم".
تمارا حداد: إسرائيل ماضية في مشروع "الدولة الكبرى" وضم الضفة الغربية بداية التنفيذ
فيما أكدت الدكتورة تمارا حداد، الباحثة السياسية الفلسطينية، أن الإعلان عن ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية لم يأتِ فقط من وزير العدل الإسرائيلي، بل صدر أيضاً عن الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مشيرة إلى أن رأس الهرم السياسي في إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يؤمن تماماً بضم الضفة الغربية، باعتبارها جزءاً أصيلاً مما يسمى "دولة إسرائيل الكبرى" وفقًا لعقيدته الدينية والسياسية.

وأضافت حداد، فى تصريحات لـ " نيوز رووم " أن نتنياهو يرى أن ضم منطقتي "يهودا والسامرة"، وفق التسمية التوراتية الإسرائيلية للضفة الغربية، يمثل أولوية استراتيجية، لكونها تُعد – حسب رؤيته – منطقة أكثر أماناً من تل أبيب، ويمكن أن تنطلق منها مشاريع الطاقة والبنية التحتية، بما في ذلك بناء مناطق صناعية ومراكز تجارية وسكنية.
وتابعت: "لم يعد الإيمان بالضفة حكراً على المستوطنين أو اليمين المتطرف، بل حتى بعض الإسرائيليين القاطنين في تل أبيب بدأوا يعتقدون أن العيش في الضفة الغربية أكثر أمناً واستقراراً، لا سيما بعد تعرض تل أبيب ومناطق واسعة في الداخل الإسرائيلي لضربات صاروخية من إيران".
وشددت حداد ،على أن هذا التوجه الإسرائيلي لا يقتصر على البعد الأمني فحسب، بل يستند إلى عقيدة دينية أيديولوجية عميقة الجذور، تنبع من التوراة، وتدعو إلى توسيع الرقعة الجغرافية لإسرائيل لتشمل الأرض الممتدة "من الفرات إلى النيل"، وهي رؤية يؤمن أصحابها أن تحقيقها سيتم خلال العشرين عاماً القادمة.
وفي هذا السياق، أوضحت أن البدء بتنفيذ مشاريع اتفاقيات "أبراهام" يُعد خطوة أولى على هذا الطريق، حيث تسعى إسرائيل – بدعم مباشر من الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب – إلى فرض ما تسميه بـ"السلام" بالقوة، خاصة أن ترامب نفسه يؤمن بمشروع "إسرائيل الكبرى" أكثر من بعض الإسرائيليين، على حد تعبيرها.
وأكدت حداد، أن هذا النهج سيؤدي حتماً إلى توسّع غير مسبوق في مشاريع الاستيطان داخل الضفة الغربية، مما سيقوّض بشكل كامل أي فرصة لتحقيق السلام أو تنفيذ حل الدولتين، ويُنهي عملياً حلم قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقالت: "الفلسطيني سيواجه أحد ثلاث خيارات، إما أن يعيش مسالماً تحت الحكم الإسرائيلي، أو يُهجّر قسراً، أو يُترك للموت وفقاً لما يسمى بخطة حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، مضيفة أن الفلسطينيين سيعيشون في كانتونات معزولة، تفصل بينها الحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي تُفتح وتُغلق بحسب القرار الإسرائيلي، دون أي سيادة فلسطينية فعلية.
وحذّرت الباحثة من أن الخطط الإسرائيلية لا تقف عند حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، بل تشمل مناطق في لبنان وسوريا، في إطار السعي لتحقيق مشروع الدولة الإسرائيلية الكبرى.
وختمت الدكتورة تمارا حداد بالقول: "القادم خطير، فإسرائيل ماضية في تنفيذ مشاريعها التوسعية بدعم دولي وصمت عالمي، والفلسطيني وحده من يدفع الثمن، شعباً وأرضاً وهوية".
