خبراء عسكريين: إسرائيل لن تلتزم بوقف كامل لإطلاق النار ودائم في قطاع غزة

وسط ترقب إقليمي ودولي انتظارا للوصول الي اتفاق لوقف العدوان علي قطاع غزة ، وفي ظل جهود وساطة مكثفة تقودها أطراف دولية وإقليمية لإنهاء القتال المستمر منذ ما يقرب من عامين في القطاع، ورغم تضارب التصريحات الصادرة عن الجانبين، إلا إن التوقعات تتجة نحو تقدم ملحوظ في المفاوضات الجارية، خصوصًا بعد تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، وتصاعد التدهور الإنساني داخل القطاع المحاصر، مما يجعل من الإعلان عن هدنة قريبة احتمالًا قويًا، وإن ظل مرهونًا ببعض التفاصيل الدقيقة، وعلى رأسها ملف تبادل الأسرى.
وفي هذا الشأن تحدث في تصريحات خاصة لـ" نيوز رووم" ، كلا من السفير جمال بيومي ، مساعد وزير الخارجية الاسبق ، واللواء محمد عباس الخبير العسكري والاستراتيجي .
السفير جمال بيومي: لا أتوقع وقفًا كاملا لإطلاق النار في غزة
قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه على الرغم من كونه من المتفائلين بطبيعته، إلا أنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة ، وأرجع ذلك إلى وجود أطراف رئيسية في هذا الصراع ليست لها مصلحة في وقف القتال، بل على العكس، تسعى لاستمراره بشكل دائم.
نتنياهو يواجه مذكرات توقيف دولية ويعد مطلوبا للعدالة الدولية
وأوضح بيومي ، في تصريحات خاصة لـ “نيوز رووم” ، أن أول هذه الأطراف هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه مذكرات توقيف دولية ويُعد مطلوبًا للعدالة الدولية، ما يعني أنه لا يستطيع مغادرة بلاده دون التعرض لخطر الاعتقال إذا ذهب إلى أي دولة تحترم المحكمة الجنائية الدولية وتطبق قراراتها ، ونتنياهو مهدد أيضًا بالملاحقة القضائية داخل إسرائيل نفسها.
الرئيس الأمريكي الحالي مزاجي وصعب التنبؤ به
وأشار بيومي إلى أن الطرف الثاني هو الإدارة الأمريكية، حيث ان الرئيس الأمريكي الحالي مزاجي وصعب التنبؤ به ، وهو داعم قوي لإسرائيل ويقف دومًا إلى جانبها، بل ويؤيد كافة الخطوات التي تتخذها.
صناعة السلاح تمثل عاملًا ضاغطًا على صناع القرار
أضاف بيومي ، أن الطرف الثالث فهو "صناعة السلاح"، والتي تمثل عاملًا ضاغطًا على صناع القرار، حيث سبق أن حذر الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور من تأثير تلك الصناعة على القرارات السياسية ،وأن شركات السلاح الأمريكية باعت أسلحة بقيمة 80 مليار دولار مؤخرًا، وهي غير مستعدة للتخلي عن هذا الإيراد الضخم، خصوصًا في ظل صعوبة اندلاع حرب كبرى بين القوى العظمى مثل روسيا وأمريكا، بسبب التوازن النووي الرادع، مما يدفع هذه القوى إلى خلق "حروب بالوكالة" في مناطق أخرى من العالم.
غير متفائل بما قد يحدث في ملف وقف إطلاق النار
وأكد بيومي أنه غير متفائل بما قد يحدث في ملف وقف إطلاق النار، وإن تم الإعلان عن اتفاق ما، فسيكون مجرد "تمويه"، وليس خطوة حقيقية نحو إنهاء الصراع.
الولايات المتحدة لديها مصلحة حال التوصل إلى اتفاق
في الوقت نفسه، أشار إلى أن الولايات المتحدة لديها مصلحة حال التوصل إلى اتفاق، ولو مؤقتًا، وهي استعادة بعض الأسرى من حملة الجنسية الأمريكية ، والأمر ذاته ينطبق على إسرائيل، إذ ستسعى من خلال اتفاق التبادل إلى الإفراج عن أسراها، لكنها قد تعاود اعتقال الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم لاحقًا، مما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا ويصعب التنبؤ بأي نتائج إيجابية.
حماس هي نقطة ضعف في الموقف العربي
وأشار السفير بيومي ، أن حماس هي نقطة ضعف في الموقف العربي ، لأنها تدخل في مواجهات عسكرية دون تنسيق مع الدول العربية، وتطلب منها المساندة بعد اندلاع المواجهات ، وشدد على أن مصر لا تتخلى عن القضية الفلسطينية، ولكن لا ينبغي أن يفرض عليها الدخول في حروب ليست طرفا فيها.
مصر ليست مضطرة لخوض حرب غير مبررة
وقال بيومي ان التجارب السابقة الناجحة في عملية السلام التي أسفرت عن اتفاقيات سلام مثل الاتفاق المصري والإسرائيلي، والاتفاق الأردني الإسرائيلي، وحتى الاتفاق الفلسطيني في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، والذي منح الفلسطينيين الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وعلى حدود الرابع من يونيو 1967، وأوضح أن مصر ليست مضطرة لخوض حرب غير مبررة، وأن حماس كثيرًا ما تبدأ النزاعات ثم تطلب الدعم.
الدولة اللبنانية لا ترغب في الدخول في حرب مع إسرائيل
وختم بيومي حديثه ان الدولة اللبنانية لا ترغب في الدخول في حرب مع إسرائيل، ولا تمتلك القدرة العسكرية على ذلك، ومع ذلك فإن حزب الله يدخل باستمرار في اشتباكات مع الجانب الإسرائيلي، ما يمثل نقطة ضعف إضافية في الموقف العربي العام.
اللواء محمد عباس: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لن يكون دائمًا
قال اللواء محمد عباس، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الاتفاق المرتقب بين إسرائيل وحماس بشأن وقف إطلاق النار من المرجح أن يكون مؤقتًا، وسيرتبط بملف تبادل الأسرى بين الجانبين، سواء من الجانب الإسرائيلي أو الفلسطيني، وأن الهدف الأساسي من هذا الاتفاق سيكون تحقيق نوع من الاستقرار الجزئي والمؤقت داخل قطاع غزة، خاصة في ظل أن إسرائيل حتى الآن لم تتمكن من تحقيق أهدافها الكاملة، التي وضعتها منذ بداية الحرب، وفي مقدمتها تدمير حركة حماس وإخراج المقاومة الفلسطينية من القطاع.
استمرار قدرة حماس على التفاوض يعني أنها ما زالت قائمة ومؤثرة
وأوضح عباس أن استمرار قدرة حماس على التفاوض يعني أنها ما زالت قائمة ومؤثرة، ولها حضورها القوي على طاولة المفاوضات، وهو ما يعكس قدرتها على فرض شروطها وتأكيد وجودها السياسي والميداني، رغم الحرب المستمرة ومحاولات استنزافها عسكريًا.
البنود المتوقعة ضمن الاتفاق قد تتضمن ملفات إنسانية وإغاثية
وأشار الخبير العسكري ، إلى أن البنود المتوقعة ضمن الاتفاق قد تتضمن ملفات إنسانية وإغاثية، خاصة ما يتعلق بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ، ان من ضمن العقبات هو ملف إعادة الإعمار، حتى لو ورد ضمن بنود الاتفاق، سيظل مؤجلاً، لأن إسرائيل لن تسمح بإعادة إعمار القطاع وعودته إلى ما كان عليه قبل العدوان، وأوضح أن هناك هدفًا استراتيجيًا بعيد المدى لإسرائيل يرتبط بغزة، يتمثل في محاولة تهجير السكان من القطاع وفرض شروط معيشية قاسية تدفعهم إلى مغادرته قسرا.
مشروع "غزة 2035" الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال قائما
وأضاف أن بعض القادة الإسرائيليين ألمحوا إلى إمكانية استقبال دول عربية للفلسطينيين من غزة، مثل مصر والسعودية والأردن وغيرها، لاستيعاب ما يقرب من 2 مليون فلسطيني، وهو ما يعكس توجها استراتيجيا إسرائيليا لا يمكن تجاهله، وان مشروع "غزة 2035" الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال قائما، ولم يتغير رغم تبدل الأدوات والوسائل المستخدمة في تنفيذه.
دور الدول الوسيطة سيكون محوريا في تفكيك العقبات
وأكد اللواء محمد عباس أن دور الدول الوسيطة سيكون محوريا في تفكيك العقبات المعقدة التي تعرقل الوصول إلى اتفاق شامل، ومن أبرز هذه العقبات مدى استعداد إسرائيل لإطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وهو ما يعتبر ملفا حساسا ومن المتوقع أن تناور عليه إسرائيل، وقد تنفذه بشكل جزئي فقط.
هناك توجها نحو نزع سلاح المقاومة
وأشار اللواء محمد عباس ، إلى عقبة أخرى تتعلق بمصير حركة حماس نفسها، وهو ما إذا كانت الحركة ستحتفظ بقدرتها القتالية، أم أن هناك توجها نحو نزع سلاح المقاومة، واستبعاد حماس من المشهد السياسي لصالح منظومة جديدة ، وأن يكون لمنظمة التحرير الفلسطينية دور فاعل في المرحلة المقبلة في قطاع غزة، أم أنها ستظل على الهامش، وهذه القضية في غاية الأهمية.
أكبر العقبات تكمن في مسألة حل الدولتين
واختتم الخبير العسكري ، أن أكبر العقبات تكمن في مسألة حل الدولتين، ورغم إمكانية قيام هذا الحل من حيث المبدأ، إلا أن إسرائيل ترفض تنفيذ هذا السيناريو على حدود ما قبل عام 1967، ولا تقبل به بأي شكل من الأشكال.