بيدين صغيرتين وقلب كبير.. قصة مصطفى وكفاحه من أجل أسرته بالمنيا |صور

في زاوية هادئة من محافظة المنيا، بين أصوات المعدات وصرير الحديد، يقف طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، تبدو على وجهه علامات النضوج المبكر والشجاعة. إنه مصطفى حسين، الذي قرر أن يشارك والده في معركة الحياة مبكرًا، ليخفف عن عائلته أعباء الحياة اليومية، دون أن يتخلى عن حلمه في استكمال تعليمه.

في ورشة الكاوتش.. حيث تبدأ القصة
مصطفى ابن ورشة لإصلاح إطارات السيارات، حيث يقضي ساعات طويلة بين إطارات ثقيلة وأدوات ميكانيكية، يملؤها شحم اليدين، وهو يراقب الخطوات ويشارك في العمل بكل حماس وشغف. يقول مصطفى لـ«نيوز رووم» بصوت مليء بالعزم: «أنا بحب الشغل، بحس إني راجل وأنا بساعد أبوي».
على الرغم من صغر سنه، فإن مسؤولية الحياة ألقت بثقلها عليه، فهو الأخ الأوسط لثلاثة أطفال، يعيش في منزل بسيط، لا يخلو من الحب والدعم، لكنه يفتقر للكثير من الرفاهيات. مصطفى يدرك جيدًا المعاناة التي تمر بها أسرته، خاصة والدته التي تبذل جهدًا مضاعفًا، ووالده الذي يسهر ليلاً ليوفر لقمة العيش. ومن هنا كان قرار مصطفى الصعب بأن يتحمل ما لا يطيقه البعض من أعباء.
بين رغبة الوالد وقرار الابن
يؤكد مصطفى أن والده لم يكن مقتنعًا بفكرة أن يعمل طفله في هذا السن، فقد كان يفضل أن يظل يدرس ويتمتع بطفولته بعيدًا عن أجواء الورشة الصعبة. لكن إصرار الطفل كان أقوى: «بابا كان بيقولي لأ، بس أنا صممت.. قلتله أنا هشتغل ومش هقصر في المدرسة».

رسالة مصطفى: "الشغل مش عيب"
ولأن الحياة لا تعرف التوقف، يقضي مصطفى صباحه في المدرسة، حيث يسعى بجد لطلب العلم، وبعدها ينتقل إلى الورشة ليكون عونًا لوالده، ويدرس مهنة ميكانيكا السيارات خطوة بخطوة. يحلم بأن يصبح في المستقبل ميكانيكيًا ماهرًا أو أن يمتلك ورشته الخاصة التي تعود عليه وعلى أسرته بالنفع .. فقرر أن يكون سندًا، لا عبئًا، "أنا مش أقل من حد.. اللي بيشتغلوا دول مش أحسن مني"، يقولها بثقة تفوق عمره.
«الشغل مش عيب»، هكذا يقول مصطفى، مخاطبًا كل طفل يعيش ظروفًا مشابهة، ومؤكدًا أن من يحب أن يساعد أسرته فلا ينبغي أن يتردد في العمل بجانب الدراسة. «أنا هكمل تعليمي وأحقق حلمي، وأكون سند لأهلي»، بهذه الكلمات ختم حديثه مؤكدًا أن الأمل والتحدي لا يموتان في قلب الطفل الذي قرر أن يكون رجلاً في عمر الزهور.
قصة مصطفى ليست مجرد قصة كفاح فردية، بل تعكس واقعًا مؤلمًا تواجهه الكثير من الأسر في مصر، حيث تلتقي مشاعر الحب والالتزام بالظروف الاقتصادية الصعبة، لتظهر إرادة الإنسان الصغير الكبير في أحلك الأوقات.
لم تمنع الظروف الصعبة مصطفى من الحلم، ولا من الدراسة، يؤكد أنه يذهب إلى المدرسة صباحًا، ثم يلتحق بالورشة بعد الظهر. يحلم بأن يكون ميكانيكيًا ماهرًا أو صاحب ورشة كبيرة في يومٍ ما، "بس أهم حاجة أساعد أهلي".
وفي ختام حديثه لـ"نيوز رووم"، يوجه مصطفى رسالة مؤثرة: "الشغل مش عيب.. اللي يقدر يساعد أهله ميتأخرش، وأنا هكمل تعليم وأحقق حلمي".