أمريكا تستنزف 20% من ترسانة صواريخ "ثاد" بتكلفة 800 مليون دولار خلال الحرب

استنزفت الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 13 و24 يونيو 2025، ما يقرب من 15-20% من الترسانة الأمريكية من صواريخ ثاد، ما أثار أسئلة واسعة حول كفاءة التوزيع الاستراتيجي للقدرات الدفاعية الأمريكية على مستوى العالم.
ورغم نجاح نظام ثاد في اعتراض عدد كبير من التهديدات الباليستية، إلا أن الكلفة الهائلة لكل صاروخ تتراوح بين 12 إلى 15 مليون دولار تجعل من هذا الدفاع غير مستدام اقتصاديًا.
وخلال 12 يومًا فقط، أطلقت القوات الأمريكية ما يُقدر بـ60 إلى 80 صاروخًا، لحماية مدن إسرائيلية من وابل مكون من نحو 591 صاروخًا إيرانيًا، بما في ذلك نماذج باليستية وأخرى تفوق سرعة الصوت.
وبلغت تكلفة استخدام صواريخ "ثاد" خلال هذه الفترة نحو 800 مليون دولار، وهو رقم يعكس شدة استخدامها وتعقيد التهديدات.
ورغم الانخراط الكثيف لأنظمة الدفاع متعددة الطبقات (ثاد، آرو، مقلاع داوود، والقبة الحديدية)، إلا أن عدة صواريخ أصابت أهدافًا مدنية، من بينها مستشفى ومبنى سكني، ما يعكس التحديات المتزايدة أمام أنظمة الاعتراض أمام هجمات معقدة ومتشعبة، كالتي طورتها إيران ووكلاؤها.

نظام "ثاد"
طورّت شركة لوكهيد مارتن نظام "ثاد" لاعتراض الصواريخ الباليستية على ارتفاعات تصل إلى 150 كيلومترًا، باستخدام تقنية "القتل الحركي" التي تعتمد على التصادم المباشر لتدمير الأهداف. كما أظهر النظام فاعلية عالية في الحروب الحديثة، لا سيما في التصدي للتهديدات الصاروخية الإيرانية خلال الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط.
ضعف "ثاد" أمام التهديدات منخفضة الارتفاع والهجينة
رغم قوته، يعاني "ثاد" من تراجع كبير في التعامل مع التهديدات منخفضة الارتفاع مثل الطائرات المسيّرة وصواريخ الكروز، وهو ما يحد من فعاليته في بيئات قتالية مختلطة كالشرق الأوسط. هذا الأمر يفتح ثغرات أمام هجمات متطورة وغير تقليدية.
مخاوف من استنزاف المخزون الأمريكي
ويمتلك الجيش الأمريكي سبع بطاريات من نظام "ثاد" فقط، مع بطارية تاسعة قيد الإنشاء. كما أن تخصيص بطاريتين لإسرائيل يشكل ضغطًا واضحًا على قدرة الولايات المتحدة في حماية مناطق أخرى استراتيجية مثل شبه الجزيرة الكورية والمحيط الهادئ، حيث تتصاعد التهديدات الصاروخية من الصين وكوريا الشمالية.
يُعد استخدام صواريخ باهظة الثمن لاعتراض هجمات تنفذ بصواريخ منخفضة التكلفة تحديًا اقتصاديًا عسكريًا خطيرًا. حيث يكلف كل اعتراض ملايين الدولارات، بينما تكلفة الصواريخ المهاجمة لا تتجاوز مئات الآلاف. هذا الواقع يهدد بنفاد سريع للمخزون الأميركي في حال استمر النزاع لفترة طويلة.
توجهات مستقبلية نحو أنظمة دفاعية مبتكرة
وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تطوير أنظمة دفاع بديلة ذات تكلفة أقل، مثل أسلحة الطاقة الموجهة (الليزر)، وتقنيات الاعتراض في مرحلة الإطلاق، ومنصات استشعار فضائية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، لضمان قدرة الردع في مواجهة تهديدات جماعية متزايدة التكلفة وتنوعًا.
يُشكل استنزاف أكثر من 15% من مخزون "ثاد" خلال 12 يومًا من الحرب مع إيران وإسرائيل نقطة مفصلية في تاريخ الدفاع الصاروخي الأمريكي. رغم إثبات النظام كفاءته في اعتراض الصواريخ الباليستية العالية، فإن محدودية المخزون وتكاليفه الباهظة تكشف عن ضعف حقيقي في مواجهة الهجمات الجماعية منخفضة التكلفة.
على الولايات المتحدة أن توازن بين التزاماتها العالمية ومواردها المحدودة، خاصة في ظل تصاعد التحديات من إيران، الصين، وكوريا الشمالية، مع المحافظة على حضور عسكري قوي في مناطق الصراع المختلفة حول العالم.