عاجل

منذ أن أعلنت الدولة عن قرارها إجراء تعديلات علي قانون الايجار القديم، وحالة من الجدل والصخب لا تنتهي، سواء في الشارع المصري، او في البرلمان، والمنتديات، والأحزاب السياسية.
الحكومة من جانبها قدمت مشروع القانون امتثالا لحكم المحكمة الدستورية، التى أكدت في حكمها الأخير على الطبيعة الاستثنائية المؤقتة لقوانين الإيجار، مهما طال أمدها، وأقرت حق المشرع في التدخل لتنظيم الامتداد القانوني لعقود الإيجار وكذلك تحديد القيمة الإيجارية، وملتزمة فيه كما ادعت بمرعاه العلاقة بين الطرفين، وانها ستراعي البعد الاجتماعي والإنساني لكليهما، وانهاء هذا الملف المضطرب وفق الاسس القانونية والدستورية.
وان  اهم بنود مشروع قانون الايجار الجديد المقترح للمناقشة : انهاء عقود الايجار القديمة وتحريرها بعد سبع سنوات.
تحديد زيادة سنوية في القيمة الايجارية تحدد  بعشرين المثل وبحيث تكون في المدينة بواقع ١٠٠٠ جنيه، والقري ٥٠٠جنيه وبزيادة  ١٥٪  سنويا لكليهما، مع التمييز بين ما هو سكني، وما هو تجاري، مع إعطاء الأولوية للمستأجر في شراء الوحدة حال بيعها .
الدولة من جانبها أرسلت تطمينات للمستأجرين، بانها ستقوم فور إقرار القانون من البرلمان بدراسة الحالات التي ترد اليها لتقنين أوضاعها، ومساندتها في سكن بديل سواء كان ايجار او تمليك، وان أي أمر بالإخلاء لن يتم الا بعد توفير سكن بديل.
وانه يجب الثقة في الحكومة ودورها في فض الاشتباك بين المالك والمستأجر للوصول الي حالة من التوازن، وان تقيم علاقة عادلة بين الطرفين، وانها تحترم الدستور، وحق كل مواطن في السكن الملائم.
ولقد تعرضت لتاريخ القانون منذ إصداره وصولا الي قانون رقم ٤ لعام ١٩٩٦( قانون الايجار الجديد) والذي وضع حد للعلاقة بين المالك والمستأجر بشكل يرضي ويتفق عليه الطرفين، برغم انه اعطي كل الحق لصالح المالك بشكل مطلق ، وهو ما يتعارض مع القانون السابق الذي يعطي كل الحق للمستأجر بشكل مطلق، أي اننا امام قانونين ساريين عكس بعضهما البعض .
قد يكون مشروع القانون مجحف للمستأجر، ومنصف للمالك ولكليهما لديه أسبابه.
لكن دعونا نحصر بعض الاثار السلبية من جراء تطبيق ذاك القانون وقت اقراره:
تهديد وتشريد ملايين من الاسر وتعرضهم لعدم الاستقرار، ويهدد السلم والأمان الاجتماعي.
هؤلاء المستأجرين يرون انهم دفعوا مبالغ كبيرة وقت التعاقد ولسنوات طويلة ( مقدمات - خلوات- التزام بالتشطيبات).
كما ان المستأجرين يفقدون الثقة في الحكومة علي انصافهم، فكيف تعوض ساكن يقطن بالمهندسين او الزمالك؟ وتقدم له وحدة بالإسكان الاجتماعي، وهل الدولة قادرة علي ترضية كل الحالات وتعويضها؟ 
هل لديها القدرة الاقتصادية لمواجهة تداعيات الطرد للمستأجرين كلا حسب طبقته الاجتماعية وطبقا لحيزه الجغرافي؟
الجميع ينادي بالعدالة والانصاف، وتلك العدالة لا تقتضي انه بعد خسبع سنوات ان يقوم المستأجر بترك العين المؤجرة، انما يجب ان يحكمه ضوابط تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، ودراسة لكل حالة بشكل منفصل.
وان تقوم الحكومة بحصر الوحدات المؤجرة بالنظام القديم، وان اخر حصر قامت به الحكومة في عام ٢٠١٧، وان عدد الوحدات الخاضعة لقانون الايجار القديم ٣.٠١٩ مليون وان الغالبية العظمي في القاهرة الكبرى بالإضافة الي الإسكندرية، حيث تمثل ٨٧.٢٪ من اجمالي عدد الوحدات المؤجرة.
وهناك اجماع من الأغلبية برفض القانون، وظهر ذلك واضحا أيضا في البرلمان برغم جلسات الاستماع التي جمعت الطرفين المالك والمستأجر.
حيث يرون انه مجحف، وسيؤدي الي كوارث اجتماعية، وضرورة جب دراسة كل حالة بشكل منفرد، لتحقيق عدالة التطبيق.
ولقد شاركت في جلستين لمناقشة القانون، وانصت لوجهتي النظر، لكن من الواضح ان هناك رغبة من الحكومة على اقراره مهما كانت التبعيات لانها من وجهة نظرها تقر العدالة.
لكن هل الحكومة قامت بعمل حصر جديد للوقوف علي الواقع الحقيقي، لأنه من المحتمل تراجع الاعداد عن حصر ٢٠١٧، نتيجة التطور العمراني التي شهدته مصر، وتزايد اعداد الشقق المغلقة، بل وتراجع اعداد الشقق الخاضعة لقانون الايجار القديم، غير الوحدات المتهالكة والتي تحتاج الي ترميم، ويقدر عددها بواقع ١٣ الف وحدة، وكذلك الوحدات الصادر لها قرار إزالة، وان عدد الاسرة المستأجرة طبقا للقانون القديم ١.٦٤٢ مليون اسرة في القاهرة الكبرى والإسكندرية، و٢٠٠ الف في باقي المحافظات.
لكن أبرز ما تم مناقشته في الجلسة اقتراح بأن يترك الامر للطرفين للوصول الي اتفاق ثنائي يرضي الطرفين.
غير ان هناك طرف من المؤجرين وافق علي زيادة الأجرة كما اقرتها الحكومة، لكن بدون ترك الوحدة بعد سبع سنوات، واخر رفض واعتبر ان مبلغ ١٠٠٠ جنية كبير جدا،  ولا تستطيع بعض الاسر تحمله، بل من اقترح بان يتم احتساب القيمة الايجارية علي اصل الدخل للمؤجر بان يكون ربع ما يتقضاه من راتب او معاش.
وسيستمر الاشتباك بين الطرفين، وستستمر الاقتراحات بدون الوصول الي حالة ترضية، انما سيتم انصاف طرف وظلم  طرف اخر، وسنكون قتلنا العدالة الاجتماعية التي ننشدها.
والاهم في الجلسة من تكلم بضرورة سحب هذا المشروع من البرلمان، وعدم اقراره  في دورة الانعقاد الأخيرة للبرلمان، وأخذ الوقت الكافي في الحصر والنقاش، ويبقي الوضع علي ما هو علية، علي ان يتم زيادة الأجرة بشكل منفصل لكل حالة.
وعلي الجانب الاخر الحكومة تريد الامتثال لحكم المحكمة الدستورية، والخروج بالمشروع الي النور، وان الإهمال خلال عقود سابقة، هو من  أوصلنا الي هذا المأزق.
فهل يخرج القانون للنور؟  
وهل البرلمان سيستمر علي موقفة برفضه مشروع القانون؟ 
هذا ما ستسفر عنه الأيام المتبقية من عمر البرلمان الحالي.
و مازال  الحديث مستمر، وكل طرف يبرر وجهة نظرة، ويتمسك برأيه دون الوصول الي حل  يرضي الطرفان.

تم نسخ الرابط