عاجل

المرأة المصرية بعد 30 يونيو.. من الثورة إلى التمكين

الثورة
الثورة

في مقدمة الصفوف تقف وتنادي بالحرية لمصر وللمصريين وتهتف بقوة من أجل القضاء على حكم جماعة الإخوان المسلمين، ضربت المرأة أروع الأمثلة خلال ثورة 30 يونيو، وصاحبة دور كبير في نجاح الثورة.

منذ عقود طويلة والمرأة المصرية تخوض معركة إثبات الذات وسط تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية جسيمة، لكنها لم تعرف يومًا طريقًا إلى الانكسار أو الانزواء، ومع فجر ثورة 30 يونيو المجيدة، ارتسمت معالم مرحلة جديدة لم تكن المرأة فيها مجرد متفرجة، بل كانت إحدى صانعات التحول التاريخي، وركيزة أساسية في الدفاع عن هوية الدولة ومؤسساتها، لتُصبح بعدها عنوانًا لمرحلة التمكين والبناء.

فما حدث بعد 30 يونيو لم يكن مجرد حراك شعبي ضد جماعة فقدت الشرعية، بل كان إعادة تشكيل لملامح الدولة المصرية، وكانت المرأة في قلب هذا التشكيل، لا تتلقى الدعم فحسب، بل تضع السياسات وتشارك في صنع القرار وتخوض ميادين كانت مغلقة أمامها لعقود.

المرأة في قلب الثورة

أكدت النائبة هناء أنيس رزق الله، عضو مجلس النواب،  أن في 30 يونيو كانت  مشاهد وطنية ملحمية شاركت فيها المرأة بكل قوة ووعي، خرجت في كل مكان، من القرى إلى العواصم، من الشوارع الضيقة إلى ساحات النضال الكبرى، تُعلن رفضها لحكم يهدد كيان الدولة، ويقصي نصف المجتمع، ويُعيد مصر إلى الخلف.

وقالت عضو مجلس النواب، أن مشاركة المرأة في الثورة، لم تكن ترفًا سياسيًا أو استجابة لعاطفة لحظية، بل كانت نتيجة وعي ناضج بدورها الوطني، وقدرتها على التغيير،  حملت العلم، ورددت الهتاف، ونظّمت الصفوف، وتصدرت المسيرات، ولم تخف من التهديدات أو حملات التخويف التي استهدفتها بشكل مباشر.

وأضافت النائبة، أن وجود المرأة في الصفوف الأولى كان له تأثير نفسي ومعنوي هائل، حتى أن كثيرين اعتبروا أن مشهد السيدات وهن يشاركن بقوة، في ظل أجواء شديدة التوتر، كان عاملًا حاسمًا في تغيير المعادلة السياسية. فالمرأة لا تُغامر، لكنها حين تفعل، فإنها لا تُخطئ البوصلة.

وأوضحت النائبة أن ما حدث للمرأة بعد 30 يونيو لم يكن صدفة ولا مِنّة، بل استحقاق فرضته تضحياتها، ونضالها، ومواقفها التاريخية. فقد أثبتت أنها على قدر المسؤولية، وأنها لا تنتظر مَن يمنّ عليها بحقها، بل تنتزعه بوعي وإرادة.

ولفتت إلى أن المرأة المصرية اليوم لم تعد مجرد نصف المجتمع، بل هي قلبه النابض، وعقله الواعي، وضميره الحي. ومن لم يُدرك بعد أن المرأة ركن أساسي في بناء الجمهورية الجديدة، فإنه لم يُدرك بعد أن مصر قد تغيّرت إلى الأبد.

 وقالت النائبة أن من انجازات الثورة تحقيق تمكين اقتصادي يضمن للمرأة استقلالًا حقيقيًا وقدرة على اتخاذ القرار داخل أسرتها ومجتمعها، ولهذا أُطلقت العديد من المبادرات التي تستهدف المرأة في القرى والنجوع، وفي الأحياء الشعبية، وفي كافة المحافظات، لتكون فاعلة في عجلة التنمية، لا متلقية للمساعدات، وفُتحت أبواب التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وحدثت طفرة في تدريب السيدات على المهارات الإنتاجية، وتم دعم رائدات الأعمال في مختلف القطاعات، وأصبح للمرأة صوت اقتصادي حقيقي، لا سيما في المناطق التي كانت تُعاني من التهميش، ولم يكن الهدف هو التمكين الفردي، بل خلق منظومة متكاملة تُعيد هيكلة دور المرأة في الاقتصاد المصري، وتجعلها شريكًا في الدخل القومي، وصاحبة مشروع، وصانعة فرص عمل، وليس مجرد موظفة في انتظار نهاية الشهر.

المرأة لم تعد كيانًا هامشيًا بعد ثورة 30 يونيو

ومن جانبها قالت النائبة رحاب موسى، عضو مجلس النواب، ما بعد 30 يونيو، لم يكن عهدًا لتزيين المشهد بعبارات رنانة عن دور المرأة، بل كان فتحًا حقيقيًا لمساحات ظلت موصدة لعقود،  فالدولة التي خرجت من عنق الزجاجة كانت بحاجة لكل يد تبني، وكل عقل يُخطط، ولم يكن من المنطقي أن تُبنى مصر الجديدة بدون نصفها الأصي، والتمكين هنا لم يكن ترفًا ولا مجاملة، بل ضرورة وطنية وأمن قومي. لأن المرأة لم تعد كيانًا هامشيًا، بل أصبحت ركيزة في العمل الوطني، تُشارك في وضع السياسات، وتُحاسب وتُراقب وتُدير، وتُنتخب وتُعين وتُحاور وتُفاوض. إنها مرحلة جديدة عنوانها: "المواطنة الكاملة".

وأضافت النائبة أنه منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن هناك إرادة سياسية لا تعرف أنصاف الحلول، ولا تتعامل مع المرأة كصندوق انتخابي أو رقم في جداول الإحصاء، بل شريك فعلي في إدارة شؤون الدولة، وصاحبة حق أصيل في أن تكون حيث تُتخذ القرارات، لا حيث تُنفذ فقط.

وأوضحت النائبة أن من أبرز معالم ما بعد 30 يونيو في ملف المرأة، هو التمكين السياسي الواسع، فقد تم اتخاذ خطوات حاسمة لضمان مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، وفي السلطة التنفيذية، وفي المؤسسات القضائية والرقابية، وفي كل مواقع اتخاذ القرار،

ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث، أصبحت هناك نسب واضحة ومحددة للمرأة في بعض المجالس، ليس من باب التمييز الإيجابي، ولكن من باب رد الحق لأصحابه. كما تم فتح أبواب ظلت موصدة، مثل التعيين في جهات قضائية كانت تُقصي المرأة بلا سند.

ونوهت إلى أن هذه الإجراءات لم تكن مجرد أرقام تُسجَّل في التقارير الرسمية، بل انعكست على الأرض واقعًا حيًا، فالمرأة اليوم تُشرّع وتُحاسب وتُخطط وتُنفذ، وتُدير ملفات سيادية، وتُشارك في المؤتمرات الدولية كصوت يُعبّر عن مصر الجديدة، ويُثبت أن التمكين ليس شعارًا بل ممارسة.

وأوضحت أن الدولة لم تغفل عن ضرورة توفير بيئة تشريعية عادلة تحمي المرأة وتمنحها حقوقها. فقد تم إصدار وتعديل العديد من القوانين التي تُنصف المرأة، وتُجرم العنف ضدها، وتُغلظ العقوبات في جرائم كانت تُهمل في السابق، جرى تحديث قوانين الأحوال الشخصية، والعمل، والطفل، والمواريث، وتم سن قوانين تجرّم التحرش بشكل صريح، وتكفل الحماية القانونية للمُبلغات، وتُعاقب المُعتدين دون تمييز،  كما تم الاهتمام الكبير بملف الزواج المبكر، وختان الإناث، وتجريم الممارسات التي تُهدر كرامة المرأة، وهذه التشريعات لم تكن فقط حماية من الانتهاك، بل رسالة من الدولة بأن زمن الصمت قد انتهى، وأن القانون في صف المرأة، وأن العدالة ليست رفاهية بل ضرورة لصون كرامة كل مصرية.

وأضافت النائبة أن أحد أهم أدوار المرأة ما بعد الثورة كان في الحفاظ على الهوية الوطنية، ومواجهة محاولات التشويه والتفكيك،  فقد قامت المرأة بدور رائد في محاربة الفكر المتطرف داخل بيتها ومدرستها ومحيطها الاجتماعي، وأسهمت في نقل المفاهيم الصحيحة، وفي تعزيز الولاء والانتماء للوطن،فالمرأة كانت ولا تزال هي الحصن الأخير لأي مجتمع، وحين تدرك دورها، يصبح المجتمع محصنًا بالفطرة، ولهذا، لم يكن غريبًا أن تُراهن الدولة على المرأة في معركة الوعي، وتنتصر بهذا الرهان.

تم نسخ الرابط