عاجل

إرهاب الإخوان بعد 30 يونيو.. جرائم لا تسقط بالتقادم

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

في 30 يونيو 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع في مشهد تاريخي، يطالبون بإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين بعد عام واحد من تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية. لم تكن الثورة على الجماعة مجرّد خلاف سياسي، بل كانت رفضًا شعبيًا واسعًا لحكم أيديولوجي قائم على استغلال الدين لخدمة مصالح التنظيم.

 من حكم الجماعة إلى الرفض الشعبي

مارست جماعة الإخوان سياسة الإقصاء وتهميش الدولة الوطنية، وحاولت السيطرة على مفاصل الدولة، بداية من الإعلام وحتى القضاء، مرورًا بالمؤسسات الاقتصادية والتعليمية، مع تغلغل واضح للعناصر التنظيمية في مفاصل حساسة بالدولة.

سقطت الأقنعة بسرعة، واكتشف الشعب المصري أن الحكم لم يكن لأجل العدالة الاجتماعية أو الديمقراطية، بل كان تنفيذًا لمشروع دولي لتنظيم الإخوان، يمتد عبر الحدود ويعمل بتنسيق مع قوى خارجية.

 تفويض الشعب للجيش والشرطة لمواجهة الإرهاب

في 26 يوليو 2013، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان وزيرًا للدفاع آنذاك، دعوة إلى المصريين للنزول إلى الشارع لتفويض القوات المسلحة والشرطة بمواجهة ما وصفه بـ"الإرهاب والعنف المحتمل". لم يكن التفويض وليد لحظة، بل جاء استجابة لغضب شعبي عارم من محاولات الجماعة إشعال الفوضى وجرّ البلاد إلى سيناريوهات دامية.

خرج المصريون بالملايين إلى ميادين الجمهورية في تفويض شعبي غير مسبوق، حمل الجيش والشرطة مسؤولية الحفاظ على الدولة، وحماية المواطنين من الانزلاق في فوضى عارمة، كما حدث في دول أخرى انهارت فيها مؤسسات الدولة أمام ميليشيات وجماعات مسلحة.

ذلك التفويض لم يكن سياسيًا فقط، بل كان إعلانًا واضحًا بأن الشعب اختار الدولة الوطنية على دولة التنظيم، والاستقرار على الفوضى، والأمن على الإرهاب.

 رابعة والنهضة.. منصات تحريض لا اعتصامات سلمية

لا يمكن الحديث عن إرهاب الإخوان بعد 30 يونيو دون الإشارة إلى اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. 

فبينما حاولت الجماعة تصدير صورة "الاعتصام السلمي"، كانت الحقيقة أن تلك المنصات تحولت إلى بؤر للتحريض العلني على العنف والقتل، وتكديس الأسلحة، والترويج لأكاذيب ضد مؤسسات الدولة.

في رابعة، ظهر قيادات الجماعة ومنابرها الإعلامية وهي تحرّض على ما أسموه "الجهاد ضد الدولة"، وتبشر بـ"بحور من الدماء". خُطبت المنصات بخطب دموية، وعلت الهتافات بإسقاط الدولة ومحاربة الجيش والشرطة.

وثّقت الأجهزة الأمنية، وكذلك وسائل الإعلام، شهادات ووقائع حقيقية تُثبت وجود أسلحة ومسلحين داخل الاعتصام، إلى جانب تعذيب معارضين داخل خيام رابعة، في مشاهد لا تنتمي إلى أي اعتصام سلمي.

جاء فض الاعتصامين بعد أن استنفدت الدولة كل المحاولات السلمية، وبعد أن باتت المنطقة ملغومة بالعنف والتخطيط لاستهداف أمن الوطن والمواطنين.

 العمليات الإرهابية التي استهدفت الجيش والشرطة

بعد فض الاعتصامين، انتقلت الجماعة من مرحلة التحريض إلى التنفيذ الفعلي لعمليات إرهابية استهدفت الجيش والشرطة. 

انفجرت عبوات ناسفة في عربات الأمن، وتعرضت كمائن لهجمات مسلحة، واستُشهد العشرات من جنود وضباط مصر في هجمات خسيسة.

تحوّلت سيناء إلى ساحة حرب مفتوحة ضد تنظيمات إرهابية على صلة بجماعة الإخوان، مثل "أنصار بيت المقدس"، الذي بايع لاحقًا تنظيم داعش، فيما تولّى كوادر إخوانية في الداخل التنسيق مع تلك الجماعات لتنفيذ عمليات نوعية، شملت تفجير مديرية أمن الدقهلية، واستهداف حافلات جنود، ومهاجمة أكمنة في الجيزة وشمال سيناء.

أُعلن عن استشهاد آلاف من عناصر الجيش والشرطة منذ عام 2013 حتى اليوم، في معركة ممتدة تخوضها الدولة دفاعًا عن أرضها وشعبها، ضد عدو لا يعرف الرحمة، ولا يؤمن بالوطن، بل بالبيعة للتنظيم.

 خيانة الوطن.. تعاون الإخوان مع التنظيمات الدولية

لم يكن الإرهاب عشوائيًا، ولم تكن الهجمات الفردية انعكاسًا لغضب لحظي، بل كانت نتيجة شبكة تنسيق دولية محكمة. فمع سقوط حكم الإخوان في مصر، تحرك التنظيم الدولي بسرعة لحماية مصالحه، عبر دعم الجماعة في الخارج، وتوفير غطاء إعلامي وتحريضي، وتمويل تحركات مشبوهة تستهدف مصر.

ثبت بالأدلة تورّط قيادات من الإخوان في التواصل مع تنظيمات إرهابية دولية، أبرزها القاعدة وداعش، وتبادل المعلومات معهم، بل وتوفير تسهيلات لوجستية عبر حدود ليبيا وتركيا.

كما كشفت تحقيقات رسمية وتقارير استخباراتية عن تخطيط مشترك بين الإخوان وجهات خارجية لإسقاط الدولة المصرية، باستخدام أدوات ضغط إعلامي وسياسي واقتصادي، إلى جانب الهجمات المسلحة، في محاولة يائسة لإعادة الجماعة إلى المشهد.

 محاكمات وملفات لا تُغلق

منذ عام 2013، شهدت المحاكم المصرية مئات القضايا التي طالت عناصر وقيادات جماعة الإخوان، بتهم تتراوح بين التحريض على العنف، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتخريب منشآت الدولة، وقتل مواطنين ورجال شرطة.

ومن أبرز هذه القضايا: قضية "فض رابعة"، و"التخابر مع جهات أجنبية"، و"اقتحام السجون"، و"أحداث مكتب الإرشاد"، وغيرها من القضايا التي كشفت حجم التنظيم وسعيه لهدم الدولة.

ورغم الأحكام الصادرة بالإعدام والمؤبد على كثير من القيادات، إلا أن ملفات الجماعة لا تزال مفتوحة، إذ تستمر النيابة في تحقيقاتها مع خلايا نائمة، وتحركات إرهابية جديدة، ما يجعل المعركة القضائية ضد الجماعة مستمرة، حتى تحقيق العدالة التامة.

 جرائم لن تُنسى.. ذاكرة وطن لا تنسى شهداءه

ليس من السهل أن ينسى المصريون أسماء الشهداء الذين راحوا ضحية إرهاب الإخوان، من جنود وضباط الشرطة، إلى القضاة، إلى المدنيين الذين وقعوا في فخ عمليات التفجير والاغتيالات.

ذاكرة الوطن تحتفظ بتلك الصور: جثامين الجنود العائدة من سيناء، حناجر الأمهات المكلومة، وملامح الأطفال اليتامى. ولن تُمحى من ذاكرة المصريين وجوه الإرهابيين الذين حملوا السلاح في وجه الوطن، وخططوا لاغتيال قياداته.

المعركة لم تكن فقط ضد تنظيم، بل ضد مشروع هدم وطن. ومع مرور السنوات، يتأكد المصريون يومًا بعد يوم أنهم خاضوا معركة مصيرية، وأن دماء الشهداء لم تذهب هدرًا، بل كانت وقودًا لبقاء الدولة المصرية قوية في وجه رياح التآمر والانهيار.

ختامًا، لا تسقط الجرائم بالتقادم، ولا يُمحى الإرهاب من ذاكرة الأمم. وجماعة الإخوان، بما ارتكبته من جرائم منذ 30 يونيو وحتى اليوم، حُكم عليها شعبيًا قبل أن تُدان قضائيًا. 

ويبقى التاريخ شاهدًا على أن مصر انتصرت في معركتها ضد الإرهاب، بإرادة شعب وجيش وشرطة لا تعرف الانكسار.

تم نسخ الرابط