خبير: فقدان الكفاءات يهدد مستقبل البرنامج النووي المصري

قال الدكتور علي إسلام، الخبير في شؤون الطاقة النووية وعضو اللجان الفنية العليا سابقًا، إن البرنامج النووي المصري عانى طويلًا من تآكل البنية البشرية، مشيرًا إلى أن "الأساس الحقيقي لأي مشروع نووي ناجح لا يكمن فقط في المعدات والمنشآت، بل في الإنسان القادر على إدارتها وتطويرها وحمايتها".
البرنامج النووي المصري
وأوضح، "لقد تابعت هذا الملف منذ عام 2001، وكانت المشكلة الأعمق هي فقدان الخبرات وتجاهل الاستثمار في الكوادر، غابت العقول التي تحملت عبء بناء المعرفة، ولم تُنقل التجارب كما يجب، فتراجعت الذاكرة المؤسسية للمشروع النووي المصري".
وأكد أن من أبرز الأسماء التي كانت تمثل حجر زاوية في المشروع هو الدكتور حامد مرسي، وغيرهم من الكفاءات الذين لم يُعوض غيابهم، قائلاً ،فقدنا العقول، ولم نؤسس نظامًا يحافظ على المعرفة النووية وينقلها للأجيال الجديدة".
الضربة لإيران لا تُنهي مشروعها النووي
وحول استهداف منشآت نووية إيرانية مثل "أصفهان" و"فوردو"، قال د. إسلام، إن الضربة العسكرية لا تكفي للقضاء على ما أسماه "العقيدة النووية الإيرانية"، مؤكدًا أن ،المفاعل يمكن أن يُدمر، ولكن إذا بقيت المعرفة، فإن المشروع قابل للاستعادة... إيران تمتلك قاعدة علمية قوية، وما زالت قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة، وصلت وفق التصريحات الدولية إلى 60%، وهي نسبة تقترب من الاستخدام العسكري".
تطوير أجهزة الطرد المركزي
وأشار إلى أن إيران طورت أجهزة الطرد المركزي لتصبح أسرع وأكثر كفاءة، مثل طراز "IR-9" ما يعني أن قدرتها على الوصول للوقود عالي التخصيب أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه قبل سنوات.
وعن استهداف العلماء الإيرانيين، قال ،استهداف العقول لم يكن عبثًا. أحيانًا يكون العالم هو البرنامج نفسه. وإذا لم تكن هناك منظومة مؤسسية لحفظ المعرفة وتوثيقها، فإن فقدان شخص واحد قد ينسف سنوات من العمل".
المعرفة النووية
شدد د. إسلام على أن البرنامج النووي ليس فقط مفاعلًا أو محطة، بل هو "دورة متكاملة تبدأ من استخراج اليورانيوم الخام، مرورا بتحويله إلى الكعكة الصفراء، ثم تخصيبه، وصولًا إلى إنتاج الوقود النووي المناسب للمفاعلات".
وقال ،ان المعرفة النووية لا تُباع في الأسواق، ولا تُكتب في الكتب. هي تراكم خبرات وعقول، والتفاصيل الصغيرة التي لا تُقال هي التي تصنع الفرق في النهاية".
كما أشار إلى أن استهداف مفاعل مثل "بوشهر" الإيراني لا يمثل فقط تهديدًا لإيران، بل قد يسبب كارثة بيئية تمتد آثارها لمئات الكيلومترات، موضحًا أن "المفاعلات مصممة لتحمّل ضربات معينة، لكن أي خلل في التبريد أو تسرب في المفاعل قد يؤدي إلى كارثة شبيهة بتشرنوبل أو فوكوشيما".
المشروع النووي المصري
وفي سياق حديثه عن مصر، قال د. علي إسلام: لدينا بنية تحتية جيدة في الضبعة، ولدينا شراكة دولية محترمة، لكن ينقصنا بناء العقول. لا يمكن أن نحقق استقلالًا نوويًا إذا ظل الاعتماد على الخبرة الأجنبية فقط دون نقل حقيقي للمعرفة".
وأضاف، كنت أذهب للاجتماعات التي تستمر ساعات طويلة، وأجد أن القرار يصدر دون الرجوع للمتخصصين. لا نملك أرشيفًا حيًا، ولا نسقًا يحفظ التجارب السابقة، وهذه أكبر خسارة تعرض لها البرنامج المصري".
السلاح النووي
وفي ختام تصريحه، قال الدكتور علي إسلام إن "السلاح النووي ليس للاستخدام، بل للردع"، مستشهدًا بإسرائيل التي كانت تملك السلاح النووي عام 1973 لكنها لم تستعمله رغم الخسائر، وكذلك الهند وباكستان في توترات سابقة.
وأضاف أن العالم اليوم يقف على عتبة نووية نفسية... كل الأطراف تدرك أن استخدام السلاح النووي يعني فقدان السيطرة، وانهيار المنظومة العالمية... ولذلك تبقى المعاهدة الدولية لمنع الانتشار قائمة، رغم كل الخروقات، لأن البديل عنها هو الفوضى".