عاجل

كيف تواجه مصر صيف 2025؟.. خطة حكومية لتأمين الغاز رغم تراجع الإنتاج

تعبيرية
تعبيرية

في خطوة استباقية لتفادي أزمة انقطاعات الكهرباء خلال صيف 2025، وضعت الحكومة خطة متكاملة لتأمين احتياجات البلاد من الغاز الطبيعي، بعد انخفاض معدلات الإنتاج المحلي، نتيجة تأخر سداد مستحقات الشركاء الأجانب في السنوات الأخيرة.

 

وخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أعلن رئيس الحكومة، الدكتور مصطفى مدبولي، أن الهيئة المصرية العامة للبترول وافقت على التعاقد مع عدة شركات لتوريد شحنات من الغاز الطبيعي المسال، بالتنسيق مع الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، بهدف سد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك خلال الفترة من يوليو 2025 حتى يونيو 2026.

 

عودة الضخ للمصانع وتثبيت الشبكة

 

وأكد مدبولي أن الحكومة بدأت بالفعل، ضخ الغاز مجددًا لعدد من المصانع التي توقفت مؤقتًا خلال الأيام الماضية، مع تحسن الإمدادات. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة لإعادة الاستقرار لمنظومة الطاقة والإنتاج الصناعي، وامتصاص آثار أي اضطرابات إقليمية أو تقنية في سلاسل التوريد.

 

كما تفقد رئيس الوزراء أعمال تطوير البنية التحتية في ميناء السخنة، والتي تشمل تجهيز مرافق استقبال سفن التغييز التي تحوّل الغاز المسال إلى حالته الغازية قبل ضخه في الشبكة القومية، ضمن خطة لتعزيز مرونة منظومة الطاقة وتنويع مصادر التوريد.

 

إنتاج محلي جديد.. ونتائج من حقل ظهر

 

على مستوى الإنتاج المحلي، أعلنت وزارة البترول عن إضافة 60 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى الشبكة، بعد نجاح أعمال حفر بئر "ظهر 6" في حقل الغاز العملاق بالبحر المتوسط. ويُنتظر أن تُضيف أعمال الحفر الجارية في "ظهر 13" نحو 55 مليون قدم مكعبة يوميًا إضافية، بما يسهم في تحسين التوازن بين الإنتاج المحلي والطلب المتزايد.

 

وأكدت الوزارة أن هذه الزيادات تأتي ضمن محور رئيسي في استراتيجية قطاع البترول، يركز على تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف، وتسريع خطط التنمية التي تعطلت لفترة بسبب تأخر سداد المستحقات.

 

استيراد الغاز و3 سفن تغييز لتأمين الصيف

 

بالتوازي مع دعم الإنتاج المحلي، تعاقدت مصر على تشغيل 3 سفن تغييز بحلول يوليو 2025، بطاقة إجمالية تصل إلى 2.25 مليار قدم مكعبة يوميًا، مع التخطيط لتأمين سفينة رابعة احتياطية لتعزيز الأمان الطاقي.

 

وتُعد هذه الخطوة تحولًا استراتيجيًا في آلية الاستيراد، بعد لجوء مصر لأول مرة منذ سنوات لاستيراد الغاز بسبب انخفاض الإنتاج، وتهدف الحكومة إلى جعل صيف 2025 خاليًا من تخفيف الأحمال أو انقطاعات الكهرباء، كما حدث في صيف 2023.

 

إسرائيل.. مصدر طارئ رغم التوترات

 

وعلى الرغم من امتلاك مصر لاحتياطات مستقلة من الغاز، إلا أنها تستورد سنويًا أكثر من 10 مليارات متر مكعب من إسرائيل، والتي اضطرت مؤخرًا لإغلاق حقلي "ليفياثان" و"كاريش" بسبب الحرب مع إيران، ما أدى إلى توقف الإمدادات لعدة أيام، وتأثر السوق المصري بشدة.

 

ووفقًا لتقديرات "enrdata"، بلغ استهلاك مصر من الغاز في عام 2024 نحو 64 مليار متر مكعب، ما يؤكد اعتمادها المتزايد على واردات الغاز، إلى جانب الإنتاج المحلي.

 

البنية التحتية وتوسيع الطاقة الاستيعابية

 

وفي إطار الاستعدادات، تم تجهيز سفينة "Energos Eskimo" بميناء العين السخنة، والتي ستتولى استقبال الشحنات المستوردة وتغويزها قبل ضخها في الشبكة القومية. ويمثل المشروع نقلة نوعية في رفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال الغاز وتوزيعه، بما يسهم في تأمين احتياجات المنازل والمصانع ومحطات الكهرباء خلال ذروة الاستهلاك الصيفية.

 

من جانبه، أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن مصر تواجه فجوة واضحة بين إنتاجها من الغاز الطبيعي واحتياجاتها المتزايدة، رغم ضخامة المنظومة الوطنية للغاز وقدراتها الإنتاجية.

 

وأوضح القليوبي أن قطاع الكهرباء يُعد الأكثر استهلاكًا للغاز، يليه قطاع الصناعة، ثم قطاع تموين السيارات، ما يُحتّم على الدولة السعي لتأمين احتياجاتها محليًا قدر الإمكان، خاصة في ظل الأزمات العالمية وظروف السوق المتغيرة.

 

وأشار إلى أن مشكلة التخزين تُعد من أبرز التحديات، إذ أن الخزانات لها عمر افتراضي وقدرة محدودة، ومع الوقت ينخفض منسوب الغاز بها، ما يجعل الاعتماد على الغاز المُسال وتحويله إلى حالته الغازية (التغييز) خيارًا ضروريًا رغم ارتفاع تكلفته.

 

وأضاف القليوبي أن مصر عقدت اتفاقيات مع شركات تمتلك بواخر متخصصة في التغييز، مثل شركة "فجر الأردنية"، إلا أن قدرتها لم تكن كافية لتلبية الطلب المحلي، لذا توسعت الدولة في التعاقد مع سفن تغييز إضافية من دول مثل إيطاليا والنرويج، مع ربطها بالبنية التحتية لمحطات الغاز لضمان سرعة وكفاءة عمليات التغييز.

 

في ظل التحديات المتعلقة بتراجع الإنتاج المحلي، واضطرابات الإمدادات من الخارج، تتحرك الحكومة المصرية عبر مسارين متوازيين: تعزيز الإنتاج من الحقول المحلية، خاصة "ظهر"، وتوسيع استيراد الغاز من خلال سفن التغييز، لتفادي أزمة كهرباء صيفية، وتأمين استقرار منظومة الطاقة الوطنية.

تم نسخ الرابط