يسري جبر: النية الصادقة ركن أساسي في قبول العمل|فيديو

سلّط الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، الضوء على أحد الأحاديث النبوية التي تحمل معاني سامية تتعلق بصفاء النية، والإصرار على فعل الخير، واليقين في جزاء الله، مشيرًا إلى أن حديث النبي ﷺ عن الرجل الذي تصدق على سارق، ثم زانية، ثم غني، يُعد من أعظم ما يمكن أن يتعلمه المسلم في باب الإحسان.

وخلال ظهوره في برنامج "أعرف نبيك"، المُذاع على قناة "الناس"، اليوم السبت، أوضح الدكتور يسري جبر أن هذا الحديث النبوي الشريف يجسد الرحمة النبوية والشمولية في فهم النفوس، كما يحمل رسائل خفية عن أهمية أن يقوم الإنسان بالفعل الصالح دون التوقف عند النتائج الظاهرة.

قصة الرجل المتصدق

يروي يسري جبر الحديث قصة رجل من الأمم السابقة نذر أن يتصدق بمال لأول من يلقاه، لكن المفاجأة أن صدقته الأولى وقعت في يد سارق، فقال: "اللهم لك الحمد على سارق". وفي اليوم التالي، تصدق مرة أخرى، فذهبت صدقته إلى زانية، فكرر الحمد. وفي اليوم الثالث، ذهبت إلى غني بخيل، وظن أنه فشل في إيصال ماله إلى مستحقه، لكنه لم يتوقف عن فعل الخير، بل ظل شاكراً.

وذكر يسري جبر أن إخلاص النية جعل الله يرسل له ملكًا يطمئنه بأن صدقاته الثلاث قد أثمرت أثرًا حقيقيًا، رغم ظنه أنها ضاعت، حيث بُشّر بأن السارق قد يتوب، والزانية قد تعف، والغني قد يعتبر.

الدروس المستفادة

وأوضح يسري جبر أن من أهم الرسائل التي يحملها الحديث هو أن الإنسان لا يجب أن يحكم على فعل الخير من خلال النتيجة المباشرة أو من وقع عليه الفعل، بل عليه أن يؤديه بنية خالصة لله، مؤكدًا أن الخير إذا وقع في موضع غير متوقع، قد يكون سببًا في هداية أو تغيير جذري في حياة الآخرين.

وأضاف يسري جبر أن النبي ﷺ في هذا الحديث يقدم لنا درسًا عمليًا في الثقة برحمة الله، وعدم التراجع عن عمل الخير لمجرد أنه لم يصادف التوقعات. وتابع: "الله وحده يعلم أين تقع الكلمة وأين تصل الصدقة وأين يهتدي القلب".

بين الشريعة والواقع

أشار يسري جبر إلى أن الحديث يصلح كمرشد عملي لكل من يسعى إلى الخير في هذا الزمن، إذ نجد كثيرين يتوقفون عن فعل الخير إذا ظنوا أن مالهم أو وقتهم قد ذهب لغير مستحق، لافتًا إلى أن "هذا اليقين قد لا يتوافر إلا عند من امتلأ قلبه بالثقة في عدل الله وحكمته، ومن آمن أن الله لا يضيع أجر المحسنين".

وأكد يسري جبر أن النية الصادقة هي ركن أساسي في قبول العمل، لكن عليها أن تكون مقرونة بـالاجتهاد والتحري، خصوصًا في الأمور المالية مثل الزكاة، ومع ذلك فإن الخير بإخلاص لا يضيع.

خلاصة الحديث

اختتم يسري جبر حديثه بالتأكيد على أن النية الطيبة لا تخيب، ورب صدقة تخرج من يدك بصدق، تقلب قلبًا في طريق الهداية، قائلاً: "ربنا لا يضيع أجر من أحسن عملًا، فاجعل نيتك دائمًا لله، وسلّم نتائج عملك إليه، ولا تندم على خير فعلته، فلعله يكون بداية حياة جديدة لإنسان آخر".