عاجل

نانسي صميدة: النرجسية داخل الأسرة تصنع أجيالًا تائهة نفسيًا

الدكتورة نانسي صميدة
الدكتورة نانسي صميدة

حذرت الدكتورة نانسي صميدة، أخصائي الصحة النفسية والإرشاد الأسري، من التأثيرات النفسية العميقة التي تتركها الشخصية النرجسية لدى أحد الأبوين على الأبناء، مؤكدة أن هذا النمط من السلوك قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية طويلة الأمد.

وأوضحت نانسي صميدة، خلال لقائها في برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" المذاع على قناة CBC، أن النرجسية الأسرية تُعد من أخطر أشكال العنف العاطفي الصامت، الذي لا يُلاحظ بسهولة، لكنه يُحدث تشوهًا داخليًا في وعي الطفل وشخصيته.

وقود النرجسي في تدمير أبنائه

قالت نانسي صميدة إن أحد أبرز سلوكيات الأب أو الأم النرجسيين هو المقارنة الدائمة للأبناء بالآخرين، مما يخلق لديهم شعورًا دائمًا بعدم الكفاءة، حتى وإن حققوا إنجازات ملموسة.

وتابعت نانسي صميدة: "الوالد النرجسي لا يرى إلا الصورة الخارجية، يريد من أولاده أن يبدوا الأفضل أمام الناس، دون أن يُشبعهم عاطفيًا أو يُعبّر عن فخره بهم في المنزل، فهو يهتم بالمظهر أكثر من الجوهر".

وأشارت نانسي صميدة إلى أن هذا النمط يُنتج أبناءً يعانون من اضطرابات في الهوية والثقة بالنفس، ويظلون طوال حياتهم يبحثون عن القبول دون وعي.

التعنيف بأنواعه

أكدت نانسي صميدة أن العنف الأسري في بيئة النرجسي قد يكون جسديًا، لكنه غالبًا ما يتخذ أشكالًا أكثر خُبثًا وخفاءً، مثل التقليل المستمر، والسخرية، والتحقير، وعدم الاعتراف بالمشاعر.

وأضافت نانسي صميدة: "الأب أو الأم قد يمارسان العنف اللفظي بشكل دائم، كأن يقللان من قيمة الطفل، أو يقارنانه بإخوته أو أبناء الجيران، أو يشككان في قدراته حتى أمام الآخرين، ما يؤدي إلى ترسيخ شعور الدونية والتشكيك في الذات".

أزمة التعلق المرضي

وأوضحت نانسي صميدة أن ضحايا الأهل النرجسيين غالبًا ما يقعون في ما يُعرف بـ "الترابط الصدمي" أو التعلّق المرضي"، حيث يُحب الطفل من يؤذيه نفسيًا، لأنه لا يعرف غير هذا النمط من العلاقات، فيظل في حالة ارتباك عاطفي دائم، لا يستطيع أن يكره من ظلمه ولا أن يتوقف عن السعي لإرضائه.

وتابعت نانسي صميدة: "الابن أو الابنة يظلان في حيرة بين مشاعر التقدير الظاهري التي يسمعانها من المحيط تجاه الأب أو الأم، وبين المعاناة اليومية التي يعيشانها في المنزل، ما يجعلهم عاجزين عن فهم ذواتهم أو اتخاذ قراراتهم بحرية".

نرجسية الآباء تبدأ من الطفولة 

أشارت نانسي صميدة إلى أن بعض الحالات التي تصل إلى العيادات النفسية تكون لأشخاص تجاوزوا الخمسين من العمر، وما زالوا يعانون من آثار التربية النرجسية التي تعرضوا لها في الصغر.

وأكدت نانسي صميدة أن أبرز العلامات التي تظهر على الطفل هي: الخوف من التعبير عن الرأي، ضعف الثقة بالنفس، الميل لإرضاء الآخرين على حساب الذات، والتردد الشديد في اتخاذ القرار.

وقالت نانسي صميدة: "الطفل الذي نشأ في بيت نرجسي يتعلم أن رأي الآخرين هو الأهم، وأنه لا يُصدق أو يُحترم إلا إذا وافق ما يقوله الناس أو ما يرضي والديه".

الدكتورة نانسي صميدة
الدكتورة نانسي صميدة

المجتمع والتمييز 

في ختام حديثها، أكدت نانسي صميدة أن النرجسية ليست حكرًا على الرجال أو النساء، لكنها أصبحت منتشرة أكثر بين الرجال نتيجة ثقافة المجتمع التي ترسّخ الذكورية وتُمجّد القسوة على حساب المشاعر، مشيرة إلى أن الإعلام والسوشيال ميديا ساهمتا في تعزيز هذه الصورة.

وشددت نانسي صميدة على أهمية إعادة النظر في مفاهيم التربية والعلاقات الأسرية، ونشر الوعي بين الأهل بمخاطر النرجسية وأثرها الممتد على الأجيال القادمة.

تم نسخ الرابط