عاجل

قصة الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأمريكية.. الجميع خُدع والكل صدق

ترامب خامنئي نتنياهو
ترامب خامنئي نتنياهو

في خضم الحرب التي استمرت "12 يوم" بين إيران وإسرائيل، برزت ملاحظات لافتة الكثير من الذين تابعوالحرب منذ يوميها الأول والتى تظهر فيها كأنها أشبه بالمسرحية، فتشير إلى تعقيدات المشهد وتشابك المصالح، وسط تساؤلات متزايدة حول طبيعة الصراع: هل نحن أمام حرب فعلية أم مجرد مسرحية مدروسة؟

نحلل المشهد عبر موقع وبوابة نيوز رووم ونكشف كواليس وأحداث تظهر ما إذا كانت حرب أم مسرحية؟

أولًا في قراءة متعمقة للحرب الخاطفة التي اندلعت بين إيران وإسرائيل، يتكشف مشهد بالغ التعقيد، يكشف عن تداخل المصالح وعمق الحسابات بين الأطراف المنخرطة، بما في ذلك الولايات المتحدة.

فرغم أن الحرب كانت حقيقية على الأرض، إلا أن الكثير من المراقبين يشيرون إلى أنها سارت على "منوال التمثيل المسرحي"، حيث بدا أن كل طرف حريص على ألا يتجاوز الخطوط الحمراء للطرف الآخر، فإيران، ومعها حلفاؤها، وإسرائيل، بدعم أمريكي، تبادلوا الضربات، لكن في إطار محسوب بدقة، لا يفضي إلى انفجار شامل.

ويفسّر هذا السلوك وفق محللين بأن الطرفين، رغم خصومتهما المعلنة، يدركان أهمية بقاء الآخر في المعادلة، فواشنطن لا تريد لطهران أن تنهار، لكنها تسعى في الوقت ذاته لإبقائها تحت السيطرة، خصوصًا فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

من هنا، يتجلى الخداع المتبادل؛ فكل طرف يتصور أنه يُحكم القبضة على خصمه بينما يقع هو نفسه في فخ الاستغفال، إنها حرب بوجهين: صدامٌ حقيقي لإجهاض الحلم الإيراني النووي، و"عملية جراحية" سياسية دقيقة تُبقي على توازن هشّ لا ينهار، بل يعيد الأطراف إلى مواقعهم السابقة بعد تسكين الألم.

حالة الارتباك والخلط في مواقف كثيرة

ثانيًا: في خضم مشهد الحرب بين إيران وإسرائيل، طفت على السطح حالة من الارتباك والخلط في مواقف قطاعات واسعة من جماهير المسلمين، الذين وجدوا أنفسهم أسرى عاطفتهم ونقمتهم المتأصلة على الاحتلال الإسرائيلي، دون وعي كافٍ بخلفيات الأطراف الإقليمية المتداخلة.

يرى متابعون أن كثيرًا من عوام المسلمين، بفعل الجهل المنتشر، وضعف الوعي، والعزوف عن القراءة الرصينة، وقعوا في فخ تأييد إيران، ظنًا منهم أنها "العدو الحقيقي" لإسرائيل، متغافلين عن أبعاد طائفية وأيديولوجية عميقة يتبناها النظام الإيراني، لا تقل خطرًا  في نظر البعض عن المشروع الصهيوني ذاته.

ويحذر هؤلاء من الانخداع بالخطاب الإعلامي الإيراني أو المتعاطف معه، مشددين على ضرورة التمييز بين المعارك السياسية والمواقف العقائدية، وعدم الانجراف خلف ردود الفعل الغاضبة تجاه الاحتلال، دون تمحيص للأجندات والمآلات.

ثالثًا: لا يمكن التقليل من قوة إيران، فهي دولة ذات مساحة جغرافية واسعة، ويزيد عدد سكانها عن 80 مليون نسمة، وتتمتع بهوية مستقلة من حيث اللغة والعرق والدين، ورغم أن الإسلام كان الدين السائد فيها، إلا أن التحول الجذري في تركيبتها المذهبية بدأ مع الشاه إسماعيل الصفوي عام 906هـ، حين أسس الدولة الصفوية واعتمد المذهب الشيعي الإثني عشري مذهبًا رسميًا للدولة.

هذا التحول لم يكن سلميًا، بل جاء باستخدام القوة والعنف، حيث جرى قمع علماء أهل السنة وطردهم، وتحويل المساجد والمدارس إلى مراكز لنشر التشيع، ورغم أن التشيع كان موجودًا في إيران من قبل عبر تأثير بعض الدول، إلا أنه ظل محدود الانتشار حتى فرضته الدولة الصفوية رسميًا في القرن العاشر الهجري.

اللافت في الحالة الإيرانية، أن المواطن الإيراني إذا اندلعت الحرب في بلاده لا يجد ملاذًا آخر يتشارك معه ذات اللغة أو الثقافة أو العادات، على عكس المواطن العربي، الذي يجد فسحة في بلدان الجوار العربي؛ فاليمني قد يتجه إلى السعودية، والسوداني إلى مصر، والعراقي إلى الأردن.. وهكذا.

هذه العزلة الجغرافية والثقافية تفسر جانبًا من ضراوة المقاتل الإيراني في الحروب، فهو يدافع عن آخر ملاذ له، ولا يملك خيار الفرار، ويشبه ذلك إلى حد ما حال الصهاينة، الذين يدافعون بشراسة عن كيانهم، مع فارق جوهري: فإيران دولة أصيلة على أرضها، بينما إسرائيل كيان استيطاني قام على أرض مغتصبة.

ورغم ما يُقال عن أن إيران "نمر من ورق"، وهو توصيف له وجاهته، إلا أن التقليل من شأنها لا يخلو من خطورة، فالإيراني، تاريخيًا، يمتلك نفسًا طويلًا في الصراعات، ويجيد فنون المماطلة والمراوغة والخداع، وهي سمات متجذرة في أسلوبه السياسي والتفاوضي.

رابعًا: تقوم العلاقة بين إيران وإسرائيل رغم العداء الظاهري  على مصالح توسعية متشابكة، يدفع العرب ثمنها، فكلا الطرفين يرى في العالم العربي ساحة طموح جغرافي وعقائدي: إيران تسعى لبسط نفوذها على نصف الوطن العربي، بينما تطمح إسرائيل للسيطرة على النصف الآخر، إن استطاعت.

ومن هذا المنطلق، فإن بقاء إيران القوية يخدم مصالح إسرائيل والغرب، إذ تُستخدم كورقة ضغط دائمة على العرب، تُذكي التوترات وتمنع استقرار المنطقة، وفي المقابل، يخدم وجود إسرائيل النظام الإيراني، لأنه يتيح له المتاجرة بالقضية الفلسطينية وبالقدس، مما يُمكّنه من استغلال مشاعر العامة خصوصًا من البسطاء وتقديم نفسه كـ"مدافع عن فلسطين"، بينما يوسّع مشروعه الطائفي في عمق الدول العربية تحت هذا الغطاء العاطفي المضلِّل.

إيران تعلن اغتيال قادتها وهي لم تمت بالفعل.. ما القصة؟

وتستخدم بشكل مستمر وليس لأول مره واحدة من أهم أدواتها الإعلامية والاستراتيجية، وهي اللعب علي وتر الدماء والبطولة ضمن حرب نفسية ودعائية مركبة، ويُحتمل أن إيران تُعلن عن اغتيال قادتها حتى لو لم يكونوا قد اغتيلوا فعلًا وكان آخيرها، قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في تشييع رفاقه والذي كانت قد أعلنت طهران اغتياله، لأسباب متعددة، منها:

1. تأجيج الشعور القومي والطائفي

إعلان استشهاد قادة كبار يثير مشاعر الغضب والتعبئة الشعبية، ويُستخدم لتوحيد الصف الداخلي، خاصة في لحظات حرجة.

2. تبرير الرد العسكري

إيران قد تستخدم مزاعم اغتيال قياداتها لتبرير ضربات انتقامية أو تحركات إقليمية توسعية، دون أن تُتهم بالبَدء بالتصعيد.

3. تبادل الأدوار مع الحلفاء

بعض هؤلاء القادة قد يُعاد تموضعهم سرًا إلى جبهات مختلفة – كسوريا أو العراق أو لبنان – وتُطلق عليهم صفة "شهداء" لإخفاء حركتهم أو حمايتهم من رصد استخباراتي.

4. الابتزاز السياسي والإعلامي

الحديث عن "اغتيالات كبرى" يمكن توظيفه في المفاوضات مع الغرب، كورقة ضغط، أو لاستدرار التعاطف الدولي، وإظهار إيران كضحية، رغم أنها لاعب أساسي في التوترات.

5. إرباك العدو

إعلان مقتل شخصيات عسكرية بارزة، ثم يظهر لاحقًا أنهم أحياء أو أن تفاصيل موتهم غامضة، يدخل ضمن حرب معلومات تهدف إلى تشويش الخصم وإرباك حساباته.

مسرحية هجوم إيران علي القواعد العسكرية في قطر

وأيضًا ظهرت المسرحية بين أمريكا وإيران خلال الهجوم الإيراني علي قواعد عسكرية في قطر، فقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الضربة الإيرانية التي استهدفت قاعدة العديد الجوية في قطر جاءت "ضعيفة للغاية"، واصفًا الرد بأنه كان متوقعًا وتم التعامل معه بكفاءة عالية.

وأوضح ترامب في تصريح له: "أطلقت إيران 14 صاروخًا، تم إسقاط 13 منها، بينما سقط صاروخ واحد بعيدًا عن أي هدف، ولم يشكل تهديدًا فعليًا"، وأضاف: "يسعدني أن أبلغكم بأنه لم يُصب أي أمريكي، ولم تحدث أضرار تُذكر، والأهم من ذلك أنهم فقدوا كل شيء".

وتابع قائلاً: "أشكر إيران على الإنذار المبكر، الذي ساعد في تجنّب وقوع ضحايا، ربما تكون هذه بداية جديدة يمكن من خلالها لإيران أن تتجه نحو السلام والانسجام الإقليمي"، مختتمًا بدعوة حماسية لإسرائيل: "سأشجع إسرائيل على أن تحذو هذا المسار.. شكرًا لكم على متابعتكم لهذا الشأن".

تم نسخ الرابط