عاجل

كل ما تريد معرفته عن تغييرات أبل الجديدة في متجر التطبيقات الأوروبي

شركة أبل
شركة أبل

كشفت شركة أبل  عن تغييرات جذرية في سياسات متجر التطبيقات الخاص بها داخل الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف التوافق مع قانون "الأسواق الرقمية" الجديد المعروف اختصارًا بـ(DMA)، وتجنّبًا لغرامات إضافية بعدما فُرضت عليها غرامة بلغت 500 مليون يورو بسبب قيودها السابقة على المطورين.

وبحسب ما نشره موقع Reuters في تقرير حديث بتاريخ 27 يونيو 2025، فإن هذه التعديلات تأتي كاستجابة مباشرة من أبل لضغوط المفوضية الأوروبية، والتي اتهمت الشركة بأنها تعرقل المنافسة وتمنع المطورين من توجيه المستخدمين نحو وسائل دفع خارجية.

لماذا اتُّخذ هذا القرار الآن؟

في مارس الماضي، أصدرت المفوضية الأوروبية قرارًا بتغريم أبل نصف مليار يورو، بسبب تقييدها التطبيقات - مثل Spotify - من إعلام المستخدمين بوجود خيارات دفع أرخص خارج تطبيقاتهم داخل App Store. هذه الغرامة كانت بمثابة "جرس إنذار" قانوني، جعل أبل تعيد النظر في ممارساتها داخل السوق الأوروبية، خاصة بعد دخول قانون DMA حيّز التنفيذ مطلع هذا العام.

المفوضية شددت في أكثر من مناسبة على أن شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها أبل، مطالبة بتقديم "سلوكيات شفافة وعادلة" ضمن بيئة السوق الرقمية، وإلا فإن الغرامات التصاعدية ستكون الخيار القانوني الوحيد المتاح.

أبرز التغييرات التي أعلنتها أبل رسميًا

وفقًا لما نشره موقع The Verge، فإن أبل لم تكتف بتعديلات بسيطة، بل أعلنت عن حزمة تغييرات هيكلية في سياسة متجر App Store الأوروبي، أبرزها:

إتاحة استخدام روابط الدفع الخارجية

لأول مرة، سيتمكن المطورون داخل الاتحاد الأوروبي من إدراج روابط في تطبيقاتهم يمكن أن تُوجّه المستخدم مباشرة إلى منصات دفع خارجية، دون الحاجة للمرور عبر بوابة الدفع الخاصة بأبل، وهو ما كان محظورًا بشكل صارم في السابق.

الأهم من ذلك، أن أبل قررت إلغاء شاشات التحذير المتعددة التي كانت تظهر للمستخدم عند محاولة الخروج من التطبيق إلى رابط خارجي، واستبدالها برسالة بسيطة تظهر مرة واحدة فقط، مما يخفف من التخويف المتعمّد الذي كان يُستخدم لمنع المستخدمين من الدفع خارج المتجر.

تخفيض العمولات بنظام طبقات جديد

أدخلت أبل نظامًا جديدًا يُطلق عليه "هيكل العمولات المتعددة"، حيث ستعتمد العمولة على حجم المطور ونوع التطبيق والخدمة المقدمة:

الشركات الصغيرة، والتي تحقق أقل من مليون دولار سنويًا، ستحصل على تخفيضات كبيرة، بحيث تنخفض العمولة من 30% إلى 13%.

أما المطورون الذين يستخدمون حلول دفع خارجية فستُفرض عليهم عمولة 5% فقط كرسوم استخدام للتكنولوجيا الأساسية (Core Technology Fee)، ما يفتح الباب أمام تطبيقات أرخص للمستخدم النهائي.

وفي حال تجاوز عدد التنزيلات مليون مرة سنويًا، سيتم فرض رسوم إضافية على كل تحميل جديد، الأمر الذي قد يؤثر بشكل خاص على التطبيقات المجانية ذات الشعبية الكبيرة.

المزيد من المرونة في خيارات التوزيع

أبل سمحت أيضًا بتوزيع التطبيقات من خلال متاجر بديلة (Alternative App Stores)، وهو ما يعد سابقة تاريخية في سياسة الشركة المغلقة، حيث طالما كانت أبل تُحارب عمليات الـ sideloading والتثبيت من خارج App Store. هذه المتاجر ستخضع لعدة شروط أمنية، لكن سيُسمح لها بالعمل داخل دول الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي.

كيف برّرت أبل هذه التغييرات؟

قالت الشركة في بيان رسمي نُشر عبر موقعها اليوم: "نحن ملتزمون بالامتثال للوائح الاتحاد الأوروبي، لكننا نرى أن بعض هذه اللوائح تقيد الابتكار وتمسّ خصوصية وأمان المستخدمين". وأشارت إلى أنها "ستواصل الطعن قانونيًا" في بعض أجزاء القرار الأوروبي، لكنها تنفذ التغييرات حرصًا على عدم تعطيل المطورين أو تعريض الشركة لغرامات أكبر.

وقد وصف مراقبون هذه التصريحات بأنها محاولة لحفظ ماء الوجه، خاصة بعد أن أصبحت أبل تحت رقابة صارمة من المنظمين في بروكسل.

ردود فعل متباينة من الشركات التقنية

رئيس شركة Epic Games، تيم سويني، كان من أوائل من هاجموا التغييرات قائلًا إنها "محاولة تجميلية لنظام احتكاري". وأضاف: "ما زالت أبل تفرض رسومًا خفية وتُبقي على سيطرتها عبر سياسات معقدة لا يمكن لمعظم المطورين الصغار مجاراتها".

في المقابل، عبّرت شركات مثل Spotify وDeezer عن ارتياحها النسبي للتعديلات، لكنها شددت على ضرورة مراقبة التطبيق الفعلي لهذه السياسات خلال الشهور القادمة، خاصة فيما يتعلق بعدم وضع قيود تقنية تعيق نقل المستخدمين لخارج App Store.

ماذا يعني هذا للمستخدمين والمطورين في أوروبا؟

من الناحية النظرية، قد تشهد أسعار التطبيقات داخل الاتحاد الأوروبي انخفاضًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة، خاصة مع إمكانية تجنّب عمولات أبل المرتفعة، والذهاب إلى طرق دفع بديلة.

كما أن المستخدم سيكون أمام خيارات متعددة للتحميل والدفع، وهو ما يعزز المنافسة ويقلل من الاحتكار. أما بالنسبة للمطورين، فقد تفتح هذه التغييرات الباب لتجارب تسويقية جديدة أكثر مرونة وربحية، خاصةً للتطبيقات المستقلة أو الناشئة.

لكن الواقع قد يحمل مفاجآت، خاصة وأن أبل لا تزال تحتفظ بحق فرض رسوم تقنية (مثل Core Technology Fee)، وقد تعيد تقييم السياسات في أي وقت إذا وجدت أن هذه التنازلات تُهدد نموذج أعمالها.

ما التالي؟

المفوضية الأوروبية أوضحت أنها ستواصل التحقيق والمراقبة الدقيقة لما ستقوم به أبل خلال الأسابيع القادمة. وفي حال وُجدت ممارسات جديدة تُعرقل المطورين أو تفرغ التعديلات من محتواها، فقد تُفرض غرامات يومية تُقدر بملايين اليوروهات.

وبشركة أبلحسب ما نشرته صحيفة Financial Times، فإن بروكسل تعتبر هذه القضية "اختبارًا لقدرة أوروبا على كبح جماح الشركات التكنولوجية الكبرى"، وتُصر على أن قانون DMA ليس مجرّد حبر على ورق، بل أداة رقابة فعّالة ستُغيّر شكل السوق الرقمي بالكامل.

تم نسخ الرابط