خالد الجندي: الفهم الركيزة الأساسية للدين وليس كثرة العبادات

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن قصة قاتل المئة نفس تعد من أعظم القصص التي وردت في السنة النبوية، لما تحمله من دروس دينية وإنسانية عميقة، أبرزها أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الفتوى بغير علم قد تؤدي إلى الهلاك، فضلًا عن أهمية البيئة الصالحة في إصلاح حال الإنسان وتوجيهه نحو التوبة.
وفي حلقة جديدة من برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة dmc، شدد خالد الجندي على أن العنوان الحقيقي للقصة هو "هجرة التائبين إلى الله". وأوضح أن تفاصيل القصة، كما وردت في حديث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، تكشف كيف أن رجلاً قتل 99 نفسًا، ثم بحث عن أعلم أهل الأرض ليسأله: "هل لي من توبة؟"، فأجابه راهب (عابد) بالنفي، فقتله وأكمل المئة.
خطورة الفتوى بغير علم
وأشار خالد الجندي إلى أن الخطأ الأكبر في القصة لم يكن فقط القتل، بل في ذهاب الرجل إلى راهب يفتقر إلى العلم والفقه، ما دفعه إلى إصدار فتوى خاطئة كلفته حياته، مضيفًا: "العابد قد يكون مخلصًا في عبادته، لكنه ليس بالضرورة فقيهًا.. الفقيه هو من يفهم مقاصد الدين، ويعرف حدود الله، ويُفتي بعلم".
وأكد خالد الجندي أن النبي ﷺ بيّن فضل العلم بقوله: "من يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين"، مشيرًا إلى أن الفهم هو الركيزة الأساسية للدين، وليس فقط كثرة العبادات.
بحث الإنسان عن التوبة
واعتبر خالد الجندي أن القصة تُجسد رحلة البحث عن التوبة حتى من أعظم المذنبين، قائلًا:"رغم ارتكاب هذا الرجل لأفظع الذنوب، لم تنطفئ جذوة الفطرة في قلبه.. سأل عن التوبة، وواصل طريقه، وهذا يُظهر أن باب الله لا يُغلق أبدًا أمام من يطرق بصدق".
وتابع خالد الجندي أن العالم الذي قابله الرجل بعد ذلك نصحه بأن له توبة، لكنه نصحه أيضًا بـ"تغيير بيئته"، والانتقال إلى قرية صالحة، حيث الناس الطيبون، مما يُشير إلى أن البيئة المحيطة عامل رئيسي في إصلاح الإنسان أو إفساده.

الرحمة الإلهية تتدخل
واختتم خالد الجندي القصة بالتأكيد على الرحمة الإلهية التي تغلّبت على العدل الصارم، حيث اختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب بعد موته، فأرسل الله ملكًا ليحسم النزاع بقياس المسافة بين القريتين، فوجدوه أقرب إلى قرية الصالحين، فغُفر له، مؤكدًا:"الله ينظر إلى النية والنية وحدها قد تنقل الإنسان من جحيم الذنوب إلى جنان المغفرة".