خالد الجندي: آية "ولا تقولن لشيء" تؤسس لعقيدة التوحيد والتعلق بمشيئة الله

في تفسير مميز حمل دلالات عقائدية راسخة، أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الآية الكريمة:{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله}، تمثل أكثر من مجرد توجيه لغوي أو أدبي، بل تعد ركيزة أساسية في بناء العقيدة الإسلامية، وتغرس في قلب المؤمن معنى التعلق الكامل بإرادة الله ومشيئته.
علاقتها بعقيدة التوحيد
جاء ذلك خلال حلقة خاصة من برنامج "لعلهم يفقهون" على قناة DMC، ضمن سلسلة "حوار الأجيال"، والتي تناول فيها خالد الجندي أبعادًا عميقة لمعاني الآية الكريمة، وعلاقتها بعقيدة التوحيد."قاعدة الاستثناء
أوضح خالد الجندي أن الآية ترسم ما يُعرف في علم العقيدة بـ"قاعدة الاستثناء"، وهي أن لا يسبق المسلم أي وعد أو نية مستقبلية دون أن يقرنها بقول: "إن شاء الله"، لأنها تعني إرجاع القدرة والتصرف إلى الله وحده.
أداة لترسيخ التوحيد
وقال خالد الجندي:"الآية مش بس قاعدة لغوية، لكنها أداة لترسيخ التوحيد.. لأن الإرادة الكاملة لله وحده، لا للنفس البشرية ولا لأي قدرة إنسانية مهما عظُمت".
وشدد خالد الجندي على أن هذا المعنى يتجاوز حدود الأدب في الحديث إلى أصل من أصول الإيمان، وهو الاعتراف بأن كل ما يخطط له الإنسان مرهون بإرادة الله.
ليست عادة بل عبادة
وأشار خالد الجندي إلى أن المسلم حين يقول "إن شاء الله"، فهو لا ينطقها من باب المجاملة أو العادة، بل يعبر بها عن وعي إيماني بأن المستقبل غيب لا يعلمه إلا الله، وأن الإرادة البشرية لا تنفذ إلا بإذن الخالق.
وتابع خالد الجندي: "ربنا سبحانه لما نزل الآية، علّم النبي والمؤمنين أن أي فعل مستقبلي لازم يكون مشروط بمشيئة الله، عشان نتعلم التوكل الحقيقي عليه".
التعلق بالله في كل شيء
وأضاف خالد الجندي أن التدبر في هذه الآية يكشف أبعادًا إيمانية خطيرة، موضحًا أن المسلم مطالب بأن يتعلق بالله في كل أمر مهما كان بسيطًا.
وقال خالد الجندي:"دي مش مسألة أدب، دي مسألة عقيدة.. حتى الحاجات اللي بنخطط لها بشكل يومي، لازم نربطها بمشيئة الله، لأن ده معنى التوحيد الحقيقي".
واقعة نزول الآية
وتطرق خالد الجندي إلى سبب نزول الآية، معتبرًا أنها دليل حاسم على أن القرآن ليس من تأليف النبي محمد ﷺ.
وأوضح خالد الجندي :"لو كان من عند النبي، كان رد على الفور، لكن الرسول انقطع عن الجواب، لأنه كان بانتظار وحي الله.. وده يؤكد إن الرسول لا ينطق عن الهوى".
وذكر خالد الجندي مثالًا ساخرًا من الموروث الشعبي، قائلاً: "زي جحا لما سألوه عن عدد النجوم فاخترع رقم وقال لهم اللي مش مصدقني يطلع يعد! إنما الرسول ما عملش كده، لأنه مؤمن أن الأمر كله بيد الله".

تأخر نزول آيات الإفك
ولم يغفل خالد الجندي الإشارة إلى تأخر نزول بعض الآيات، مثل آيات براءة السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، والتي تأخر نزولها أكثر من شهر، مؤكدًا أن هذا التأخير يحمل دلالة عقائدية عميقة.
وقال خالد الجندي:"ده دليل إن الرسول مش بيألف من نفسه، وإن القرآن مش بيتنزل إلا بأمر من الله، كما قال تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك)".