عاجل

باحثون أميركيون يطورون علاجًا مزدوجًا واعدًا لمكافحة سرطان القولون والمستقيم

سرطان القولون
سرطان القولون

في إنجاز علمي يُمثّل علامة فارقة في مسار أبحاث علاج الأورام، نجح فريق من الباحثين في جامعة ميامي الأميركية في التوصّل إلى نهج علاجي مزدوج يُبشّر بإمكانية إحداث تحول جذري في أساليب علاج سرطان القولون والمستقيم، وهو من أكثر أنواع السرطان فتكًا وانتشارًا حول العالم.

تقوم الطريقة العلاجية الجديدة على دمج عقارين معروفين: الأول هو Selinexor، وهو دواء يستهدف أحد الجينات الحيوية في الخلية السرطانية، والثاني هو Irinotecan، أحد أكثر العلاجات الكيميائية استخدامًا في بروتوكولات علاج هذا النوع من السرطان. وتشير النتائج الأولية إلى أن هذا الدمج أدى إلى تراجع ملحوظ في حجم الأورام لدى حيوانات التجارب، ما يعزز فرص الانتقال قريبًا إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر.

XPO1: الجين الذي كشف نقطة ضعف الورم

ركزت الدراسة التي أجراها الباحثون على فهم التغيرات الجينية التي تمنح خلايا سرطان القولون مقاومة ضد العلاجات التقليدية. وخلال التحليل الجزيئي، تبين أن طفرة في جين يُعرف باسم XPO1 تلعب دورًا محوريًا في تعزيز قدرة الخلايا السرطانية على النجاة، عبر تفعيل آليات متطورة لإصلاح الحمض النووي (DNA)، مما يحدّ من فعالية العلاج الكيميائي التقليدي.

لكن استخدام عقار Selinexor، الذي يعمل كمثبط مباشر لهذا الجين، ساعد على إبطال هذه المقاومة الخلوية، وعندما تم دمجه مع Irinotecan، لوحظ تأثير مضاعف على نمو الورم، شمل تباطؤًا في الانقسام الخلوي، وتزايدًا في مؤشرات موت الخلايا السرطانية.

آفاق جديدة تتجاوز حدود الجينات

اللافت في الدراسة أن فعالية هذا العلاج المزدوج لم تقتصر على الحالات التي تحتوي على طفرة في XPO1، بل امتدت أيضًا إلى الأورام التي تُظهر ارتفاعًا في مستوى بروتين XPO1، حتى دون وجود الطفرة الجينية. وهذا يعني أن نطاق المستفيدين من هذا النهج العلاجي قد يكون أوسع بكثير مما كان متوقعًا في البداية.

ويؤكد الباحثون أن هذه النتائج تشكّل اختراقًا مهمًا في عالم علاج الأورام، حيث يفتح الباب أمام إمكانية استهداف الجينات والبروتينات المرتبطة بالمقاومة الخلوية، وليس فقط الطفرات الجينية.

الخطوة التالية: دمج العلاج مع المناعة

وفي إطار رؤيتهم المستقبلية، أعلن فريق البحث في جامعة ميامي عن خطط لاختبار مزيج جديد يجمع بين Selinexor والعلاج المناعي، وهو أحد أكثر الاتجاهات الواعدة في علاج السرطان. ويهدف الباحثون إلى استغلال التداخل بين آليات كبح نشاط الورم وتنشيط الجهاز المناعي، للوصول إلى فعالية علاجية أكبر ونتائج أكثر استدامة.

نحو نقلة نوعية في علاج الأورام المقاومة

وتُعد هذه الدراسة بمثابة رد على التحديات المزمنة التي تواجه الأطباء عند التعامل مع الأورام المقاومة للعلاج، خاصة تلك التي تستمر في النمو رغم الخضوع للعلاج الكيميائي. كما تُعزز من أهمية الدمج بين العلاجات التقليدية والعلاجات الجزيئية الحديثة، لإنتاج مقاربات أكثر شمولية وذكاءً في مواجهة السرطان.

أمل يتجدد.. ولكن بشروط علمية صارمة

ورغم أن النتائج تبعث على التفاؤل، يشدد العلماء على أن هذه العلاجات لا تزال في طور الدراسات المعملية، وأن الانتقال إلى التجارب السريرية البشرية يتطلب مراحل متعددة من التقييم لضمان السلامة والفعالية. ومع ذلك، فإن التقدّم الحاصل يُمثّل نقطة انطلاق نحو بناء منظومة علاجية جديدة، قادرة على مواجهة أكثر أنواع الأورام استعصاءً.

يمثل هذا الاكتشاف خطوة بالغة الأهمية في معركة الإنسانية ضد السرطان، ويُعيد رسم ملامح الأمل في تطوير علاج فعّال وآمن لمرضى سرطان القولون والمستقيم. وبينما لا تزال الطريق طويلة، فإن هذا النهج العلاجي الجديد يؤكد أن العلم لا يتوقف عن التقدّم، وأن مفاتيح الشفاء قد تكون أقرب مما نتوقع.

تم نسخ الرابط