تخيل أنك تجلس في مقهى، وتستمع إلى حديث جانبي بين شخصين، الأول يخبر الثاني عن فرصة استثمارية لا تُفوَّت: "كل اللى عليك تعمله أنك تتفرج على شوية فيديوهات على الإنترنت وتعمل عليها لايك وكومنت، وهتاخد فلوس على كل مهمة من غير أي مجهود! ، يابني هتعمل دخل شهرى وـنت قاعد في البيت على الموبايل" .
يبدو الأمر مغريًا، أليس كذلك؟ لكن، كما يقول المثل، "ليس كل ما يلمع ذهبًا " أو كما كان يقول اجدادنا "الحداية ما بترميش كتاكيت".
في الآونة الأخيرة، شهدت مصر واحدة من أكبر عمليات الاحتيال الإلكتروني عبر منصة تُدعى "FBC"، ظهرت هذه المنصة في نهاية عام 2024، وبدأت عملياتها الفعلية في يناير 2025، مدعيةً أنها توفر للمستخدمين فرصة الحصول على أرباح كبيرة مقابل تنفيذ مهام بسيطة مثل التفاعل مع إعلانات أو مشاهدة فيديوهات على الإنترنت، انتشرت المنصة بسرعة كبيرة في مصر و أغلبها بالأقاليم، خاصةً أن الأرباح التي تعهدت بها كانت مغرية للغاية، لم يكن للمنصة تطبيق على المتاجر الإلكترونية للهواتف المحمولة، بل كان يتم إرسال رابط دعوة إلى الأعضاء عبر تطبيقات مثل واتساب أو تليجرام لإنشاء حساب على المنصة.
استقطبت FBC آلاف الضحايا من خلال وعود بأرباح سريعة وسهلة. وقد اعتمدت المنصة على الترويج لنفسها كشركة مصرية مرخصة، وادعت أنها تعمل في مصر بالتعاون مع الحكومة لمكافحة البطالة و هو غير صحيح بالمرة و إنما كانت وسيلة لتحصل على بعض المصداقية أمام الزبائن المحتملين .
استخدمت إعلانات ممولة على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض مشاهير السوشيال ميديا للترويج عن نفسها، وأقنعت بعض المستخدمين بإنشاء فروع للشركة والحصول على سجل تجاري من مكاتب السجل التجاري، وهو أيضا ما كان كذبا خالصا و حقيقته انها اقنعت بعض أصحاب المكاتب ان يضعوا لافتات باسم المنصة على المكتب مقابل مبالغ مالية كبيره لإيهام الضحايا، وهو ما جعل بعض أصحاب تلك المكاتب هم أيضا من الضحايا لعمليات النصب تلك امام الإغراءات المالية.
لكن كما هو الحال في العديد من مخططات الاحتيال، كانت FBC تعمل بنظام يُعرف باسم مخطط بونزي، هذا المخطط، الذي يعود تاريخه إلى عشرينيات القرن الماضي، يعتمد على جذب مستثمرين جدد لدفع أرباح المستثمرين السابقين، دون وجود نشاط استثماري حقيقيـي، يستمر هذا النظام طالما استمر تدفق المستثمرين الجدد، وعندما يتوقف هذا التدفق، ينهار المخطط، ويخسر الجميع أموالهم.
في حالة FBC، كانت تأحذ أموال الإشتراكات الجديدة لدفع مكافئات المشتركين السابقين و هكذا تدور دورة النصب طالما هناك زبائن أو بالأحرى ضحايا جدد، و بعد أن جمعت المنصة مبالغ ضخمة من المشتركين، توقفت فجأة عن العمل، واختفى الموقع، مما أدى إلى خسارة العديد من الأشخاص لأموالهم. تداولت مواقع التواصل الاجتماعي شكاوى عدد كبير من المشتركين في المنصة، مؤكدين تعرضهم لعملية نصب بعدما استولت الشركة على أموالهم. اعتمدت المنصة على وسائل التواصل الاجتماعي في جذب العملاء، واستغلت شهادات أشخاص ادعوا تحقيق ثروات من خلالها وشرائهم فيلات وسيارات فاخرة خلال أشهر معدودة، وأوهمت المواطنين بمنحهم الأموال على مشاهدة الفيديوهات
للأسف، لم تكن FBC الحالة الوحيدة في مصر.
وشهدت البلاد ظهور العديد من المنصات المشابهة التي استغلت طموح الأفراد في تحقيق أرباح سريعة دون مجهود يُذكر. من بين هذه المنصات، "هوج بول" التي جذبت أكثر من 600 ألف مشترك، ووعدتهم بأرباح يومية من خلال التعدين الإلكتروني والاستثمار، قبل أن تغلق أبوابها فجأة، وتختفي معها مئات الملايين من الدولارات.
إذًا، كيف نحمي أنفسنا من الوقوع في فخ هذه المنصات الاحتيالية؟
1. كن واقعيًا: إذا كان العرض يبدو جيدًا لدرجة لا تُصدق، فغالبًا ما يكون فخاً
2. تحقق من مصداقية المنصة: ابحث عن معلومات حول الشركة، وتحقق من تسجيلها القانوني والتراخيص المطلوبة
3. استشر الخبراء: إذا كنت غير متأكد من فرصة استثمارية معينة، استشر خبيرًا ماليًا
4. تجنب الاستثمارات غير المفهومة: إذا لم تفهم تمامًا كيفية تحقيق الأرباح، فلا تستثمر.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الربح السريع والسهل قد يكون مغريًا، لكنه غالبًا ما يكون فخًا. الاستثمار الحقيقي يتطلب دراسة وجهدًا، وأي وعود بأرباح دون مجهود تستحق التحقق والتدقيق. فلا تدع سراب الربح السريع دون مجهود يوقعك في فخ خسارة ما لديك.