عاجل

تحذيرات رسمية وتجاهل شعبي.. دوامات بحر رأس البر تهدد أرواح المصطافين

شاطئ راس البر اليوم
شاطئ راس البر اليوم

رغم التحذيرات المتكررة الصادرة عن الوحدة المحلية لمدينة رأس البر، بشأن خطورة النزول إلى مياه البحر في مناطق غير آمنة، يواصل عدد كبير من المصطافين تجاهل هذه النداءات، مما يزيد من فرص وقوع حوادث غرق مأساوية. الأمر لم يعد مجرد تحذير عابر، بل أصبح ضرورة ملحة لحماية الأرواح من مخاطر حقيقية، تتجسد في الظواهر الطبيعية الخطيرة التي يشهدها الشاطئ مؤخرًا، وعلى رأسها ظاهرة الدوامات وسحب الأشخاص تحت سطح الماء.

تشهد بعض مناطق شاطئ رأس البر، خاصة بالقرب من منطقة البوغاز والمنفذ، وجود ما يشبه فقاعات تظهر على سطح البحر بشكل متقطع، تُشبه إلى حد كبير غليان الماء، إلا أن خلف هذه الفقاعات يكمن خطر داهم لا يدركه كثيرون، وهي دوامات مائية قوية تسحب من يقترب منها إلى الداخل، وقد يصعب على أقوى السباحين مقاومتها. وأفاد شهود عيان ومتطوعون في أعمال الإنقاذ أن هذه الدوامات تكون خادعة في مظهرها، وتبدو كأنها مجرد اضطراب بسيط في المياه، لكنها في الواقع تسحب الأشخاص بسرعة شديدة إلى الأعماق.

الوحدة المحلية برأس البر أصدرت بيانات واضحة تطالب المواطنين بالابتعاد عن البحر في أوقات محددة، لا سيما مع ارتفاع الأمواج أو نشاط الرياح، كما قامت بوضع أعلام حمراء في المناطق غير المسموح فيها بالنزول، بالإضافة إلى نشر فرق إنقاذ على طول الشاطئ. ورغم هذه الجهود، لا يزال الإقبال على النزول إلى البحر في أوقات الخطر مستمرًا، ما يضع فرق الإنقاذ في موقف صعب للغاية ويعرض المصطافين لخطر حقيقي.

أحد رجال الإنقاذ صرح بأن ما يزيد من تعقيد الموقف هو أن بعض المصطافين لا يكتفون بالنزول في المناطق المسموح بها فقط، بل يتعمدون الدخول إلى مناطق الدوامات المعروفة رغم وجود لافتات تحذيرية واضحة. وأشار إلى أن البعض يستخف بهذه اللافتات ويظن أنها مجرد إجراء روتيني، غير مدركين أن تجاهلها قد يكلفهم حياتهم.

ومن جانب آخر، أكد عدد من السكان المحليين أن ظاهرة الفقاعات المائية أو ما يصفونه بـ"الماء المغلي" ليست جديدة على رأس البر، لكنها زادت مؤخرًا بشكل ملحوظ، خاصة مع تغيرات الطقس وارتفاع درجات الحرارة. وتعمل هذه الظواهر على خلق دوامات غير مرئية تزداد قوتها مع تغير اتجاه التيارات البحرية، ما يجعل مناطق معينة على الشاطئ شديدة الخطورة.

ورغم أن بعض الأهالي يحاولون توعية الزوار، إلا أن الزحام في الموسم الصيفي يجعل من السيطرة على الموقف مهمة شبه مستحيلة، خاصة مع توافد الآلاف من الزائرين يوميًا. ويطالب الأهالي بضرورة تكثيف الحملات التوعوية، واستخدام مكبرات الصوت بشكل دوري على الشاطئ، وتنظيم ندوات توعية داخل المصايف والفنادق والمنتجعات لشرح مخاطر النزول في غير الأوقات المخصصة.

من جهة أخرى، يرى البعض ضرورة فرض غرامات مالية على من يتعمد النزول في المناطق المحظورة، وذلك كوسيلة رادعة تحمي الأرواح وتقلل من عبء فرق الإنقاذ. فالحوادث لا تؤثر فقط على الضحايا وأسرهم، بل تسبب ضغوطًا نفسية شديدة على المنقذين وتستهلك موارد كبيرة من المدينة.

الواقع يشير إلى أن الوعي المجتمعي لا يزال دون المستوى المطلوب، فمهما كثرت التحذيرات واللافتات، سيبقى الخطر قائمًا ما دام البعض يرفض الالتزام بالتعليمات. وقد أثبتت حوادث الغرق في الأيام الماضية أن البحر لا يرحم من يستهين بخطورته.

ومع دخول فصل الصيف وارتفاع أعداد المصطافين يومًا بعد يوم، بات من الضروري إعادة النظر في طرق إدارة الشاطئ، وتكثيف الوجود الأمني، وتفعيل دور الإعلام المحلي في تسليط الضوء على هذه المخاطر. فسلامة الأرواح يجب أن تكون فوق كل اعتبار، والتهاون مع هذه الظواهر قد يؤدي إلى فقدان مزيد من الشباب، كما حدث في أكثر من واقعة مؤلمة خلال السنوات الماضية.

في النهاية، تبقى الرسالة الأهم هي: لا تستهين بتحذيرات البحر، فالماء الذي يبدو هادئًا قد يخفي تحته دوامة لا ترحم، والتزامك بالتعليمات قد ينقذ حياتك وحياة من تحب.

تم نسخ الرابط