عاجل

عملية Serengeti تكشف جرائم رقمية واسعة في أفريقيا.. الإنتربول يحذر

الإنتربول الدولي
الإنتربول الدولي

أصدر الإنتربول الدولي بيانًا رسميًا، نشره على موقعه الإلكتروني، حذر فيه من ارتفاع غير مسبوق في مستوى الجرائم الإلكترونية في دول غرب ووسط أفريقيا، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة الإجرامية باتت تشكّل تهديدًا كبيرًا للاستقرار الرقمي والاقتصادي في القارة.

وجاء البيان بعد تنفيذ عمليتين أمنيتين موسعتين بالتعاون مع عدة دول أفريقية، أسفرتا عن توقيف مئات المشتبه فيهم وضبط كميات كبيرة من الأدلة الرقمية، بالإضافة إلى تتبع معاملات مالية بقيمة تجاوزت 193 مليون دولار أمريكي، ناتجة عن أنشطة احتيال رقمية.

ووفقًا لما نُشر عبر موقع Interpol، فإن النتائج المعلنة تعكس تصاعدًا خطيرًا في أنماط الجرائم السيبرانية التي تستهدف مؤسسات حكومية، وشركات خاصة، وأفرادًا في أنحاء متفرقة من القارة، لا سيما في نيجيريا، الكاميرون، غانا، والسنغال.

عمليتا Serengeti وContender: كشف المستور

قادت الشرطة الدولية عمليتين كبيرتين تحت مسمى Operation Serengeti وOperation Contender، بالتعاون مع أكثر من 25 دولة في أفريقيا، وبدعم مباشر من المركز الأفريقي للجريمة السيبرانية التابع للإنتربول المعروف باسم AFJOC، بالإضافة إلى الشراكة مع وكالة AFRIPOL.

 الإنتربول الدولي
 الإنتربول الدولي

النتائج التي خرجت بها العمليتان كشفت عن:

  • توقيف أكثر من 1000 مشتبه فيهم متورطين في قضايا تتعلق بالاحتيال المالي الإلكتروني.
  • اكتشاف أكثر من 35 ألف ضحية لجرائم إلكترونية، بعضها يمتد عبر الحدود.
  • تتبع معاملات مالية مشبوهة تجاوزت 193 مليون دولار، تم استرجاع جزء منها عبر تجميد الحسابات المصرفية.
  • وقد أشار التقرير إلى أن كثيرًا من المشتبه بهم متورطون في شبكات دولية معقدة تعتمد على أساليب احتيالية متنوعة، منها:
  • احتيال البريد الإلكتروني التجاري (Business Email Compromise - BEC)، حيث يتم انتحال صفة مدراء أو محاسبين لخداع الشركات.
  • برمجيات الفدية (Ransomware)، التي تستخدم لتشفير بيانات الشركات وطلب فدية مقابل فك التشفير.
  • الاحتيال عبر العملات المشفرة، حيث تُستدرج الضحايا للاستثمار في عملات رقمية وهمية.
  • حملات التصيد الاحتيالي (Phishing) التي تستهدف حسابات الأفراد والمؤسسات.

تصريحات قوية من مسؤولي الإنتربول

في البيان الذي صدر عن الإنتربول، قال ستيفن كافانا، المدير التنفيذي للشرطة في المنظمة: "تُظهر هذه النتائج إلى أي مدى وصلت الجرائم الإلكترونية في القارة، نحن لا نتحدث عن هجمات فردية، بل عن شبكات احترافية تدير عملياتها باحتراف شديد، مستغلة نقاط الضعف في البنية التحتية الرقمية للدول."

وأضاف أن تلك الحملات الأمنية ليست سوى بداية لمرحلة جديدة من التعاون الدولي لمكافحة الجريمة السيبرانية، داعيًا الحكومات إلى تعزيز الاستثمار في تقنيات الكشف الرقمي، وتدريب الكوادر على أحدث وسائل التحقيق في الجرائم الإلكترونية.

من جانبه، أكد المتحدث باسم AFJOC أن هناك عشرات القضايا الجارية حاليًا، يتم فيها تتبع الاتصالات الرقمية عبر الإنترنت المظلم، وتحليل التحويلات المشبوهة، بالتعاون مع جهات دولية مثل اليوروبول ووكالة الأمن السيبراني الأمريكية.

الأسباب وراء تفشي الجريمة الإلكترونية في أفريقيا

تشير تقارير أمنية دولية، من بينها تقارير نشرتها كل من Trend Micro وGroup-IB، إلى أن هناك عدة عوامل تساهم في تفشي هذا النوع من الجرائم في القارة الأفريقية، أبرزها:

 الإنتربول الدولي
 الإنتربول الدولي
  • ضعف البنية التحتية التكنولوجية في كثير من الدول.
  • قلة التوعية المجتمعية حول مخاطر الإنترنت.
  • غياب تشريعات إلكترونية رادعة في بعض الدول.
  • سهولة الوصول إلى أدوات الاختراق والقرصنة عبر الإنترنت، خاصة شبكات الويب المظلم.

وقد أفاد تقرير صادر عن شركة Kaspersky للأمن السيبراني أن إفريقيا أصبحت في 2024 من أكثر المناطق استهدافًا بهجمات الفدية، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تمتلك أنظمة حماية متقدمة.

ما القادم؟ خطط إقليمية لتعزيز الأمن الرقمي

أشار بيان الإنتربول إلى أنه سيتم إطلاق مبادرات تدريبية كبرى خلال النصف الثاني من عام 2025، تستهدف تدريب أكثر من 3000 عنصر أمني من مختلف الدول الأفريقية على تقنيات كشف وتتبع الجريمة الإلكترونية، بالإضافة إلى تطوير برامج تحذير مبكر وأنظمة رقابة إلكترونية حديثة.

كما يُخطط لإطلاق نظام إقليمي موحد لرصد التهديدات السيبرانية، يسمح بتبادل المعلومات بين الجهات الأمنية في لحظة وقوع الهجمات، وهو ما اعتبره كثيرون نقلة نوعية في التعامل مع الهجمات العابرة للحدود.

كيف تحمي نفسك من التهديدات الرقمية؟

في ظل هذا التصاعد الملحوظ، وجه الإنتربول مجموعة من النصائح للمؤسسات والأفراد لتفادي الوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية، أبرزها:

  • استخدام أنظمة تحقق متعددة العوامل للحسابات البنكية والبريد الإلكتروني.
  • عدم الضغط على روابط مشبوهة أو غير معروفة المصدر.
  • تحديث البرامج والتطبيقات بشكل مستمر، خاصة برامج الحماية.
  • اللجوء للجهات المختصة فور التعرض لمحاولة احتيال إلكتروني.

تحذير الإنتربول لا يجب أن يُنظر إليه كخبر أمني عابر، بل كنداء واضح يدعو لإعادة النظر في البنية التحتية الرقمية لدول غرب ووسط أفريقيا، والاستعداد لمرحلة يكون فيها الأمن الرقمي جزءًا أساسيًا من منظومة الأمن القومي.

فمع تزايد اعتماد المجتمعات على التكنولوجيا والتحول الرقمي، تزداد الحاجة إلى وعي رقمي شامل، وتعاون دولي حقيقي، من أجل منع انتشار الجريمة الإلكترونية، التي قد لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تخترق المؤسسات من الداخل وتضرب الاقتصادات في صميمها.

تم نسخ الرابط