تحذير طبي: عصير البرتقال في الحر قد يُعرّضك للجفاف

وسط تصاعد التحذيرات من موجات حرّ قاسية تضرب مناطق عديدة حول العالم، أطلقت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة تحذيرًا رسميًا غير تقليدي، حذّرت فيه من تناول نوع من المشروبات يُعد شائعًا ومنعشًا في أذهان الكثيرين، ألا وهو "عصير البرتقال"، خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة.
ورغم أن عصائر الفاكهة تُعرف بفوائدها الغذائية العالية واحتوائها على الفيتامينات والمعادن، إلا أن الوكالة شددت على أن استهلاك هذه المشروبات في أوقات الحرّ الشديد قد يكون خيارًا خاطئًا يعرّض الجسم لفقدان السوائل بدلًا من ترطيبه، بل وقد يزيد من خطر الجفاف.
لماذا نحذر من عصير الفاكهة؟
يوضح الخبراء أن عصائر الفاكهة، وخصوصًا عصير البرتقال، تحتوي على تركيز عالٍ من السكريات الطبيعية مثل الفركتوز والجلوكوز، وعلى الرغم من أن هذه السكريات لا تُضاف صناعيًا، فإن الجسم يتفاعل معها بنفس الطريقة تقريبًا، حيث ترفع من مستوى السكر في الدم، وتزيد من إدرار البول.
هذا التأثير قد يكون مقبولًا في أجواء معتدلة، لكنه في ظل درجات حرارة مرتفعة، يُصبح عبئًا إضافيًا على الجسم، إذ تساهم هذه العملية في سحب السوائل من الجسم وتسريع فقدانها، ما يُخل بتوازن الأملاح والسوائل داخله.
التحذير لا يقتصر فقط على العصائرخاصةً عصير البرتقال، بل يشمل أيضًا المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، التي تحتوي على كميات ضخمة من السكريات والكافيين والصوديوم، ما يزيد من الضغط على الكلى ويُقلل من كفاءة الجسم في الحفاظ على الماء داخله.
العطش المخادع: لماذا قد تشعر بالعطش بعد كوب عصير؟
من المثير للدهشة أن كوبًا باردًا من عصير البرتقال في منتصف يوم حار قد يمنحك شعورًا مؤقتًا بالانتعاش، لكنه لا يلبث أن يتحول إلى شعور متزايد بالعطش بعد أقل من ساعة، ويرجع ذلك إلى أن العصائر لا تعوّض الماء بشكل فعّال، بل تحفز الجسم على التخلص منه.
ويؤكد اختصاصيو التغذية أن هذه الظاهرة تُعرف بـ"العطش المعكوس"، وهو شعور خادع بالترطيب يزول سريعًا، ليُظهر الجسم علامات الجفاف من جديد، وأحيانًا بشكل أكثر حدة.
ما البدائل الصحية التي يوصي بها الأطباء؟
أوصت وكالة الأمن الصحي بعدة خيارات تُعدّ أكثر أمانًا وكفاءة في دعم توازن الجسم المائي، أبرزها:
- الماء العادي: لا يزال الخيار الأوّل والأفضل، فهو خالٍ من السعرات والسكر، ويُمتص بسرعة داخل الجسم.
- الماء المنكّه طبيعيًا: يمكن إضافة شرائح من الليمون أو الخيار أو النعناع لإضفاء نكهة خفيفة دون سكريات.
- الحليب قليل الدسم: يحتوي على إلكتروليتات طبيعية مثل الكالسيوم والبوتاسيوم، ويساعد على ترطيب الجسم بطريقة فعّالة.
- العصائر المخففة بالماء: كحل وسط، يمكن تخفيف العصائر بنسبة 50% بالماء، لتقليل تركيز السكر.
علامات خفية للجفاف.. لا تتجاهلها
إحدى أبرز النصائح التي قدمها الخبراء هي متابعة لون البول، باعتباره مؤشّرًا بسيطًا وفعّالًا لمستوى ترطيب الجسم. فإذا كان لون البول أصفر باهتًا أو شفافًا، فهذا يدل على توازن جيد في السوائل، أما إذا كان داكنًا أو ذو رائحة نفاذة، فقد يكون هذا مؤشرًا على بداية جفاف.
من العلامات الأخرى التي تستوجب الانتباه: الشعور المستمر بالصداع، قلة التعرق رغم ارتفاع الحرارة، تسارع ضربات القلب، جفاف الفم، أو الشعور بالدوار عند الوقوف.
الفئات الأكثر تضررًا من العصائر في الصيف
التحذير لا يشمل الجميع بنفس الدرجة، لكنه يكتسب أهمية مضاعفة لدى:
- كبار السن: نظرًا لتراجع الإحساس بالعطش لديهم مع التقدم في العمر.
- الأطفال: إذ يفقدون السوائل بسرعة وقد لا يعبّرون عن شعورهم بالعطش.
- مرضى الكلى والسكري: الذين يجب أن يكونوا أكثر حرصًا على ضبط مستويات السوائل والسكريات في أجسامهم.
- الرياضيين والعمال: ممن يتعرضون لمجهود بدني في درجات حرارة مرتفعة.
الترطيب ليس رفاهية.. بل ضرورة صحية في زمن التغير المناخي
هذا التحذير لا يأتي بمعزل عن سياقه البيئي، إذ تشير تقارير مناخية إلى تزايد عدد الأيام شديدة الحرارة في العالم، مع ارتفاع في معدلات الوفيات والإصابات الناتجة عن ضربات الشمس والجفاف. وقد أصبح من الضروري التعامل مع الترطيب باعتباره مسألة وقائية حيوية، وليس مجرد وسيلة للشعور بالانتعاش المؤقت.
في هذا السياق، تُعد توعية الجمهور بنوعية المشروبات المناسبة خلال الصيف من أهم أدوات الوقاية الحديثة، وتبرز كأولوية في خطط الصحة العامة لكثير من الحكومات.
لا تنخدع ببرودة الكوب
قد يبدو عصير البرتقال خيارًا مثاليًا للهروب من لهيب الصيف، لكن الحقيقة العلمية تقول عكس ذلك. فبينما ترغّبك برودة الكوب في شربه، قد يكون ما يحتاجه جسمك فعلًا هو كوب ماء بسيط يحقق التوازن المطلوب ويحميك من الجفاف.
لذا، في زمن تتسارع فيه موجات الحرارة والتغيّرات المناخية، يصبح وعيك بما تشرب في غاية الأهمية، ليس فقط لصحتك، بل لحياتك.