الكونجرس الأمريكي يتحرك لتعليق صلاحيات الولايات في ملف الذكاء الاصطناعي

يقترب الكونجرس الأمريكي من فرض حظر شامل على سنّ أي قوانين خاصة بتنظيم الذكاء الاصطناعي على مستوى الولايات، وذلك ضمن مشروع قانون اقتصادي موسّع يجري تمريره حاليًا تحت مسمى "المصالحة".
ووفقًا لما نشره موقع Barron’s بتاريخ اليوم، فقد وافق مستشار برلماني في مجلس الشيوخ على تضمين بند يمنع الولايات الأمريكية من إصدار قوانين تنظم الذكاء الاصطناعي، تحت طائلة حرمانها من تمويل مشاريع الإنترنت عالي السرعة، وهو ما يعني فعليًا تعليق سلطة الولايات في هذا الملف لمدة 10 سنوات.
دعم من كبرى شركات التكنولوجيا.. ورفض حزبي
تحظى هذه الخطوة بدعم واسع من كبرى شركات التكنولوجيا مثل: مايكروسوفت، غوغل، ميتا وأمازون، التي ترى أن وجود قوانين متباينة من ولاية لأخرى قد يخلق فوضى تنظيمية تعرقل الابتكار وتُضعف قدرة الولايات المتحدة على منافسة الصين في هذا المجال.
لكن وعلى الجانب الآخر، أثار الاقتراح رفضًا من عدد كبير من السياسيين والخبراء، إذ نشرت صحيفة The Guardian تصريحات للدكتور إريك هورفيتز، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة مايكروسوفت، أكد فيها أن "منع الولايات من التدخل ينطوي على مخاطر كبيرة، وسيُبطئ من قدرة أمريكا على التصدي للتحديات الأخلاقية والعملية المرتبطة بـ الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التضليل العميق والتزييف والتحيّز في الخوارزميات".
260 مسؤولًا يُعارضون الحظر
وقد وجّه أكثر من 260 مسؤولًا حكوميًا أمريكيًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي رسالة تحذير إلى الكونجرس، أكدوا فيها أن هذا الحظر المقترح سيقوّض قدرة حكومات الولايات على حماية مواطنيها من المخاطر التي تنطوي عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأشاروا إلى أن الذكاء الاصطناعي بات متوغلاً في أنظمة الرعاية الصحية، وإنفاذ القانون، والتعليم، وأن غياب إطار تشريعي محلي قد يترك المواطنين بلا حماية كافية في ظل التطور السريع لهذه التكنولوجيا.
المعركة السياسية داخل الكونجرس
رغم أن إدراج البند تم ضمن "مشروع المصالحة"، الذي يسمح بتمرير التشريعات بأغلبية بسيطة دون الحاجة إلى تصويت الحزبين، إلا أن هذا لا يضمن نجاحه النهائي. حيث يحتاج تمرير البند إلى موافقة جميع أعضاء الأغلبية الجمهورية، وهو أمر غير مؤكد في ظل وجود أصوات معارضة من داخل الحزب نفسه مثل السيناتور مارشا بلاكبيرن وجوش هاولي.
ووفقًا لموقع Barron’s، فإن السيناتورين عبّرا عن رفضهما لإقصاء الولايات من المشهد التنظيمي، واعتبرا أن المسؤولية الدستورية تتطلب إشراك الحكومات المحلية في ضبط التكنولوجيا التي باتت تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس.
هل يمنع الحظر الابتكار أم يحميه؟
الداعمون للحظر يرون أن وجود إطار تنظيمي فدرالي موحّد هو السبيل الأمثل لمواكبة التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن ترك المجال لكل ولاية لإصدار قوانينها قد يؤدي إلى تشتيت الجهود وتضارب المصالح.
في المقابل، يؤكد الرافضون أن الولايات دائمًا ما كانت الحاضنة الأولى للتنظيمات التكنولوجية، وهي التي بدأت سابقًا بتشريعات حماية البيانات قبل أن يُقر الكونجرس أي قانون فدرالي. ويرون أن إقصاء هذه الولايات قد يبطئ من الاستجابة للمخاطر الحقيقية التي تظهر على الأرض.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن تبدأ مناقشات موسعة داخل مجلس الشيوخ خلال الأيام المقبلة لحسم مصير البند، مع إمكانية تقديم تعديلات أو إلغائه بشكل كامل إذا انشق عدد كافٍ من الجمهوريين عن الكتلة المصوّتة. ويترقّب الجميع ما إذا كان الكونجرس سيمضي في هذا الاتجاه أم سيُبقي الباب مفتوحًا أمام الولايات لممارسة دورها في التنظيم.