لماذا جعل شهر محرم بداية السنة الهجرية؟.. الدكتور علي جمعة يوضح

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى في موسم الحج علامة فارقة في حياة المسلم، حيث يجتمع فيه المسلمون من شتى بقاع الأرض، وهو ما جعله توقيتًا مناسبًا لانطلاق تنفيذ القرارات التي تُتخذ في هذا المؤتمر الإسلامي الكبير.
رجوع الحجاج إلى بلدانهم
وأوضح "جمعة" خلال لقائه عبر قناة "الناس"، اليوم، أن سيدنا عمر قرر أن يكون شهر المحرم، الذي يلي رجوع الحجاج إلى بلدانهم، هو بداية السنة الهجرية، على غرار ما تفعله الأنظمة الحديثة في تنظيم بدايات السنة المالية.
شهر المحرم من الأشهر الحُرم
وأضاف أن هذا القرار جاء لتحقيق مصلحة عامة، حيث يُعد شهر محرم من الأشهر الحُرم، وبدء العام به يحمل رسالة تعظيم لشعائر الله، مشيرًا إلى قوله تعالى: “ومن يُعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، معتبرًا اعتبر أن اختيار المحرم كبداية لعام المسلمين جاء بتوفيق إلهي يوازن بين الزمان المقدس والتنظيم العملي".
في سياق منفصل، أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن النبي محمد ﷺ قدم في مكة نموذجًا راقيًا وعقلانيًا لكيفية عيش المسلم وسط بيئة معادية، لا تؤمن برسالته، بل تحاربه وتعذبه، موضحًا أن سلوك النبي في هذه المرحلة التأسيسية يمثل مرجعية للمسلمين في كل عصر عند مواجهة الكراهية والعداء.
وقال علي جمعة ، خلال حلقة خاصة بُثّت على قناة "الناس" بمناسبة الهجرة النبوية، إن النبي ﷺ تعرّض في مكة لحصار اجتماعي واضطهاد بدني ونفسي، لكنه لم يرد على ذلك بتشكيل تنظيمات سرية أو الرد بالعنف، رغم توفر القدرة، وإنما اختار طريق الحكمة وضبط النفس والتخطيط بعيد المدى.
الإسلام اليوم أقلية في العالم
وأضاف علي جمعة، أن الواقع العالمي اليوم يحمل ملامح شبيهة بما كان عليه الحال في مكة، مشيرًا إلى أن عدد الدول الإسلامية لا يتجاوز 57 دولة ضمن منظمة التعاون الإسلامي، من بين أكثر من 200 دولة حول العالم.
وتابع علي جمعة: "يوجد اليوم نحو 8 مليارات نسمة على الأرض، بينهم نحو 2 مليار مسلم فقط، أي أن المسلمين يشكلون ربع البشرية، بينما الثلاثة أرباع الآخرين ليسوا على دين الإسلام، بعضهم لا يعرف عنه شيئًا، وبعضهم يحمل عداءً واضحًا، ويُقدِم على حرق المصاحف أو الإساءة للنبي علنًا، كما نرى اليوم".
كيف نواجه العداء؟
شدد علي جمعة على أهمية الاقتداء بالنهج النبوي في التعامل مع بيئات العداء، قائلاً: "النبي ﷺ لم ينشئ خلايا مسلحة، ولم يرد بالمؤامرات، بل علّم أصحابه أن يهاجروا إلى الحبشة، التي كانت آنذاك أرضًا آمنة تحت حكم النجاشي العادل، وكانت تلك أول خطوة في طريق بناء الدولة".
وضرب علي جمعة مثالًا بسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قائلاً: "كان أبو بكر من وجهاء قريش وأغنيائها، لكنه لم يحتمل رؤية الإيذاء والتعذيب الذي يُمارس ضد المسلمين، فقرر أن يهاجر إلى الحبشة، ما يعكس مدى تأثير هذا النموذج النبوي في تربية الصحابة على الصبر والهدوء والبعد عن العنف".