عاجل

علي جمعة: وثيقة المدينة تجسيد مبكر لفكرة المواطنة ودولة القانون

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من أعظم الدلالات الحضارية للهجرة النبوية أنها أرست مفهوم "المدنية" بالمعنى الذي نعرفه اليوم، من خلال تأسيس مجتمع يحترم التعددية، ويضمن الحقوق للجميع، بصرف النظر عن الدين أو العرق.

وأوضح علي جمعة، خلال حلقة خاصة بمناسبة ذكرى هجرة النبي ﷺ، عبر قناة "الناس" اليوم الأحد، أن فكرة "صحيفة المدينة" التي كتبها النبي فور وصوله إلى المدينة المنورة، كانت تعبيرًا عمليًا عن احترام التعدد، وصيغة متقدمة لمفهوم المواطنة.

التعدد الديني والعرقي 

وأشار علي جمعة إلى أن المدينة المنورة آنذاك لم تكن أحادية الدين أو العرق، بل كانت تضم مكونات مختلفة، قائلاً: "في المدينة كان هناك المسلمون من الأنصار، وهم أهل الأرض، والمسلمون المهاجرون من مكة، وكذلك اليهود، بالإضافة إلى المشركين الذين لم يدخلوا الإسلام بعد، وقد يكون هناك أيضًا مسيحيون، كما تشير زيارة وفد نجران لاحقًا".

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: "عندما يوجد هذا التنوع، فلا بد من صيغة جامعة تحفظ الحقوق وتحدّد الواجبات، وهنا جاء دور النبي ﷺ في صياغة وثيقة المدينة، التي كانت بمثابة أول دستور مدني في الإسلام يقرّ بالمواطنة ويضمن العدالة".

المواطنة أساس العدل

وأكد أن الصحيفة النبوية لم تميز بين أبناء المجتمع في الحقوق والواجبات بناءً على الدين، بل قامت على مبدأ المواطنة المتساوية تحت سلطة القيادة النبوية، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ كان هو المرجعية والقيادة العليا في هذا النظام التعددي.

وقال علي جمعة: "المواطنة معناها أن الجميع يعيش تحت سلطة موحدة، وهي هنا سلطة النبي، ولكن دون إقصاء أو إكراه، فالعدل هو أساس الحكم، والمواطنة هي الصيغة الأكثر عدلاً في المجتمعات المتنوعة، وهذا ما فعله النبي ﷺ حين أسس الدولة في المدينة".

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

الإسلام لا يلغى التعدد 

وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على أن الإسلام لا يسعى إلى إذابة التنوع البشري في قالب واحد، بل يعترف بالتعدد وينظّمه ضمن إطار قيمي وقانوني يحقق الأمن والعدالة، قائلاً: "ما دام في تعدد، فلا بد أن تكون هناك مواطنة تحفظ حق الجميع، وتحمي الدولة من الانقسام أو الفوضى".

واختتم علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن الأمة الإسلامية في العصر الحديث تحتاج إلى استلهام هذه القيم النبوية في ترسيخ العيش المشترك، وتعزيز الانتماء الوطني الجامع، مشيرًا إلى أن تجربة النبي ﷺ في المدينة لا تزال نموذجًا يحتذى به في بناء الدولة الحديثة القائمة على التنوع والتكامل لا الصراع والإقصاء

تم نسخ الرابط