عاجل

قديس البرية ورمز الجهاد.. الكنيسة تحتفل بذكرى رحيل القديس أبى نوفر السائح

القديس أبونوفر السائح
القديس أبونوفر السائح

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، بذكرى رحيل القديس العظيم أبى نوفر السائح، أحد أبرز أعلام الرهبنة في تاريخ الكنيسة، والذي يُعد رمزًا للنسك الكامل والتجرد عن العالم من أجل السُكنى في حضرة الله.

ويأتي هذا الاحتفال في إطار التقليد الكنسي الذي يولي عناية خاصة بسير القديسين والنساك، والذين مثّلوا قدوة روحية للأجيال في طريق الجهاد الروحي والتقوى.

من هو القديس أبى نوفر السائح؟

القديس أبى نوفر، ويُعرف أيضًا بـ"السائح"، هو من النساك الكبار الذين عاشوا في القرن الرابع الميلادي، وتُروى قصته في كتابات القديس الأنبا بيمن وعدد من المؤرخين الكنسيين، وقد أشار إليه القديس بالادي في كتابه "تاريخ الرهبان".

عاش أبى نوفر في البرية القاحلة لمدة ٦٠ عامًا متواصلة، متوحدًا في العبادة والصلاة والصوم، دون أن يراه أحد. وقد نال شهرة كبيرة بين الأوساط الرهبانية والكنسية لنسكه الشديد وتجرده الكامل، وكان طعامه من نباتات البرية وشرابه من ماء نبع صغير، وغطاؤه شعر كثيف نما على جسده من قسوة الطبيعة وغياب اللباس.

زيارة القديس "بيولا" تكشف أسرار حياته

تُسجل السيرة أن القديس الأنبا بيولا (القديس الأنبا بولا الطموهي)، أحد المتوحدين أيضًا، هو من التقاه في نهاية حياته، حين قاده الروح إلى مغارة أبى نوفر، فشاهده وقد شاخ وضعف جسده من كثرة النسك. وعندما حان وقت نياحته، صلّى معه القداس وناوله الأسرار المقدسة، ثم أسلم الروح، فكفنه الأنبا بيولا ودفنه في مغارته.

الكنيسة تحتفي بمسيرته الجهادية

في كنائس مصر، وضمن الطقس الكنسي ليوم 16 بؤونة من كل عام، تُقرأ سيرة القديس أبى نوفر في السنكسار الكنسي، وتُرفع الصلوات في القداسات من أجل أن يمنح الله المؤمنين ذات الروح النسكية التي تحلى بها هذا القديس العظيم.

وقد أقامت العديد من الكنائس قداسات احتفالية بهذه المناسبة، كما ألقيت العظات التي تناولت الجوانب الروحية في حياة هذا القديس، لا سيما فضائل التجرد، والصمت، والاتكال الكامل على الله.

دير باسمه في قنا: شاهد على حضوره التاريخي

ويُعرف في صعيد مصر دير باسم القديس أبى نوفر السائح في محافظة قنا، يتبع إيبارشية إسنا وأرمنت، ويضم كنيسة أثرية يرجع تاريخها لقرون مضت. ويعد هذا الدير مقصدًا للزوار ومحبي سيرة القديسين، ويشهد في مثل هذا اليوم من كل عام احتفالًا خاصًا وطقوسًا مميزة يشارك فيها الآلاف من أبناء الكنيسة.

أيقونة حية للنسك والتقوى

تحتفظ الكنيسة برمزية خاصة لهذا القديس، حيث يُرسم في الأيقونات وقد غطى شعره جسده بالكامل، ويقف حاملًا صليبًا صغيرًا، تعبيرًا عن النعمة الإلهية التي حفظته طوال سنوات البرية، في مشهد يُجسد انتصار الروح على الجسد.

وفي ختام الاحتفال، دعت الكنيسة أبناءها للاقتداء بحياة القديس أبى نوفر السائح، والسير في طريق الفضيلة والجهاد الروحي، ليكونوا على مثال آباء البرية الذين أضاءوا طريق الإيمان في كل العصور.

تم نسخ الرابط