«أولياء الإسكندرية».. ياقوت العرش زوج بنت المرسي أبو العباس ورئيس الشاذلية

لكم الله يا أولياء الإسكندرية، أنتم الأصفيا كصفاء ماء البحر، أنتم العلماء عمق علومكم كعمق مياه البحر، موج العلوم أنتم، ولكم في عشق الله تعالى بحور من الشعر، بهذه الكلمات يهتف عشاق «سيدي ياقوت العرش»، زوج بنت الشيخ المرسي أبو العباس، ورئيس الطريقة الشاذلية، أمام ضريحه في الإسكندرية، وهو الحبشي الذي تربى وعاش في الإسكندرية، وصار من أعلامها.
ياقوت العرش
يعتبر ياقوت العرش، واسمه الحقيقي، ياقوت بن عبد الله الحبشي القرشي، أحد أبرز أولياء الله الصالحين، ويُلقب بـ"ياقوت العرش" لسمو مكانته الروحية، مولود في الحبشة عام 1325 م، وجاء إلى الإسكندرية عن طريق المصادفة
عاصفة البركة
بدأت قصة ياقوت العرش عندما اشتراه أحدهم، وأراد نقله إلى بلد آخر قد يكون أوروبيًا، ولكن تشاء إرداة الله تعالى أن يثور البحر ويقذب بالسفينة إلى شاطئ الإسكندرية، واستقر ياقوت في الإسكندرية، حيث عُرض على الشيخ المرسى أبو العباس.
علم وزواج
اشتراه أبو العباس وحرره من الرق، وتولى تربيته وتعليمه، وتتلمذ ياقوت على يد المرسى أبو العباس، حيث تعلم الفقه والتفسير والحديث، وعلوم القرآن الكريم، حتى صار متبحرًا زاهدًا عابدًا، ثم تزوج من ابنة سيده، وهي السيدة بهيجة أو مهجة، حفيدة الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وكان الزواج بمباركة الشيخ المرسي أبو العباس الذي لمس في تلميذه النجابة والتعمق والتزهد.
مكانته الروحية وخلافته الشاذلية
عاش ياقوت العرش في الإسكندرية واشتهر بحبه للمعرفة وزهده وعبادته، وكان من أبرز تلاميذ المرسى أبو العباس، وتولى قيادة الطريقة الشاذلية بعد وفاة شيخه، وأطلق عليه الشيخ أبو العباس ثم لُقب بـ «ياقوت العرش» لأن قلبه كان دائمًا متعلقًا بالعرش الإلهي، لا بالأرض.
وياقوت العرش هي أعلى المقامات في القرب من الله، هو مقام الرسل، ثم مقام النبوة، وبه مقامان، مقام نبوة الرسالة، ومقام نبوة النبوة. تندرج النبوة تحت الرسالة اندراج النجم تحت أشعة الشمس، ويُقال إنه كان يسمع أذان حملة العرش.
وفاته
توفي رضي الله عنه ليلة 18 جمادى الآخرة عام 732 هـ عن عمر 80 عامًا، وأقيم قبره وضريحه داخل مسجده الخاص في منطقة بحري، في حي المساجد بمحافظة الإسكندرية.
مسجد سيدي ياقوت العرش: تحفة معمارية وتاريخية
بُني مسجد سيدي ياقوت العرش بالتزامن مع بناء مسجد المرسى أبو العباس، ويتميز بتصميمه على الطراز الإسلامي القديم. يتمتع المسجد بمدخل كبير يطل على الشارع الذي يحمل اسمه من الجهة الغربية، مزينًا بزخارف محفورة. يقوم سقف المسجد على ستة أعمدة مثمنة من الموزاييك، ذات قواعد زخرفية وتيجان عربية.
توجد في الضلع الشمالي من صحن المسجد ثلاثة أبواب، يؤدي الباب الأوسط إلى الضريح، وهو عبارة عن مقصورة مربعة من الخشب الثمين، تقع المقصورة في وسط الحجرة ويغطي القبر ستر أخضر وتعلو الضريح قبة كبيرة، تنظم المشيخة الصوفية احتفالًا بذكرى مولد سيدي ياقوت العرش في 25 رمضان من كل عام، ويقصده المريدون من جميع أنحاء العالم للتبرك به.
أهمية المسجد الأثرية والسياحية
يخضع مسجد ياقوت العرش لإشراف وزارة الآثار فيما يتعلق بالترميم، ويُعد من أكبر مساجد محافظة الإسكندرية، ويقع المسجد في منطقة بحري بميدان المساجد، ويتميز بشكله المعماري الفريد الذي يجعله واحدًا من أكثر المساجد السبعة في المنطقة التي تحافظ على الطراز الإسلامي القديم، يستقبل الجامع يوميًا عدد كبير من السائحين، كجزء من جولات زيارة الميدان والأضرحة الأخرى.
