حكم الأجر الذي يتقاضاه القراء في العزاء.. الإفتاء توضح

في ظل الجدل المتصاعد بين مؤيد ومعارض حول مشروعية دفع أجور للقراء الذين يتلون القرآن الكريم في مجالس العزاء، أكدت دار الإفتاء المصرية أن أخذ القارئ لأجر نظير تلاوته في العزاء أمر جائز شرعًا، إذا توفرت فيه النية الصحيحة وخلا من المظاهر المحرمة كالإسراف أو الرياء أو المباهاة.
جاء ذلك في فتاوى متعددة صدرت عن دار الإفتاء، وعلى لسان مفتي الجمهورية الأسبق الدكتور شوقي علام، الذي أوضح أن تلاوة القرآن في مناسبات العزاء، سواء في السرادقات أو المجالس الخاصة، مشروعة ومستحبة من حيث الأصل، باعتبارها لونًا من ألوان التذكير بالموت، وتثبيتًا لأهل المتوفى، ونشرًا للسكينة في المكان. وأضاف أن ما يتقاضاه القارئ ليس ثمنًا للقرآن الكريم، وإنما هو في حقيقته "أجر على الوقت والجهد والاحتباس" الذي يقوم به القارئ من أجل تفرغه لخدمة أهل الميت وتقديم الموعظة الحسنة.
فقه الواقع.. والنية تحكم
في بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، أجاب الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى، عن سؤال حول ذات المسألة، قائلًا:
"لا مانع شرعًا من أخذ الأجر على تلاوة القرآن في العزاء، ما دام القارئ لا يبيع آيات الله، وإنما يأخذ مقابلًا على وقته وتفرغه، وهو أمر معتبر شرعًا ولا يدخل تحت طائلة النهي عن أكل المال بالباطل".
وأكد ممدوح أن العلماء اختلفوا قديمًا في مسألة أخذ الأجر على تعليم القرآن وتلاوته، لكن الراجح من أقوال الفقهاء، والذي عليه العمل اليوم، هو جواز أخذ الأجر إن كان القصد به مقابل الوقت والمجهود، لا مقابل كلمات القرآن ذاته.
ضوابط شرعية
ورغم الجواز الشرعي، شددت دار الإفتاء على عدة ضوابط لا بد من الالتزام بها، في مقدمتها:
- ألا يكون الأجر مبالغًا فيه على وجه يشقّ على أهل الميت أو يظهر فيه التفاخر.
- أن يكون الاتفاق بين الطرفين قائمًا على التراضي، دون إلزام أو إحراج.
- ألا يتم تحميل هذا الأجر من تركة المتوفى دون موافقة الورثة أو من غير صدقة جارية مشروعة.
- أن يتحرى القارئ الإخلاص في التلاوة، وألا تتحول المناسبة لمجرد مظاهر شكلية أو استعراض صوتي يخلو من الخشوع.
دعوة لعدم الإنكار على الناس
في تصريحات لمفتي الجمهورية الأسبق الدكتور شوقي علام، دعا إلى عدم الإنكار على الناس في هذا الباب طالما التزموا بالشروط الشرعية، مؤكدًا أن بعض العادات المجتمعية مثل استقدام قراء معروفين أو تنظيم مجالس للقراءة في العزاء لا يُعد من البدع، ما دامت لم تصطدم بالنصوص أو تنطوِ على ممارسات محرمة.
وأضاف: “من أراد أن يستغني عن كل ذلك، ويكتفي بقراءة الفاتحة والدعاء، فله أجره أيضًا، ولكن لا يصح الطعن في ممارسات اعتادها الناس وأقرتها الشريعة ضمن ما يُعرف بـ”العُرف الحسن”.
جائز شرعًا
خلصت دار الإفتاء إلى أن أخذ القُرّاء أجرًا في العزاء جائزٌ شرعًا، لا حرج فيه، ويُعتبر من باب التعاون على البر والتقوى، إذا خلت النية من الرياء، وتم الأمر دون مغالاة. واعتبرت أن الجدل الدائر حول هذا الموضوع ناتج في الغالب عن عدم التفرقة بين بيع القرآن وأجر الاحتباس، وهو ما وجب توضيحه للناس