عاجل

غزل لمصر أم توريط في حرب.. ماذا وراء تصريحات الرئيس الأمريكي حول سد النهضة؟

سد النهضة
سد النهضة

في ظل التوترات المتصاعدة حول أزمة سد النهضة، فجرت تصريحات الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب موجة جديدة من الجدل، بعدما وصف دعم واشنطن للمشروع الإثيوبي بأنه "تمويل غبي"، تصريحات أعادت تسليط الضوء على دور الولايات المتحدة في أزمة السد، وسط تباين الآراء بين الخبراء والمسؤولين المصريين بشأن حقيقة هذا الدور وحجمه.

وفي تصريحات لـ"نيوز رووم"، كشف الدكتور محمود أبو زيد، وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، عن ما وصفه بـ"الدور المحوري" الذي لعبته الولايات المتحدة في دعم مشروع سد النهضة، سواء على المستوى السياسي أو المالي. 

وأوضح أن واشنطن قدمت دعماً سياسياً قوياً لأديس أبابا في المحافل الدولية، وسعت إلى كسب تأييد قوى دولية مؤثرة، من بينها إسرائيل والصين، ما منح إثيوبيا زخماً كبيراً لمواصلة تنفيذ المشروع رغم التحفظات المصرية والسودانية.

وفيما يتعلق بالدعم المالي، أشار أبو زيد إلى وجود مساهمات أمريكية محتملة، إلا أن حجم هذا التمويل وتفاصيله الدقيقة لم تُعلن بشكل رسمي.

وشكك الوزير الأسبق في نوايا الإدارة الأمريكية، معتبرًا أن دعم واشنطن لم يكن يهدف إلى تنمية إثيوبيا، بل إلى استخدام السد كورقة ضغط سياسية على مصر.

من جهته، دعا السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ترامب إلى ترجمة تصريحاته إلى تحركات ملموسة عبر إعادة إحياء الاتفاق الذي صاغته الولايات المتحدة والبنك الدولي عام 2020 بشأن ملء وتشغيل السد.

وذكّر بأن مصر كانت قد وقّعت بالأحرف الأولى على الاتفاق، في حين تغيبت إثيوبيا عن جلسة التوقيع النهائي، في خطوة وصفها بـ"المفارقة الدبلوماسية".

بدوره، أبدى الدكتور عبد المنعم سعيد، المحلل السياسي، تحفظه على ما ورد في تصريحات ترامب، مؤكداً عدم وجود أي وثائق رسمية موثقة تثبت تمويلاً مباشراً أمريكياً لسد النهضة.

وأوضح أن أغلب التمويل جاء من شركات وبنوك دولية، أبرزها مؤسسات صينية وشركات أوروبية، بالإضافة إلى مساهمات داخلية من الشعب الإثيوبي.

أما الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، فقد شكك في دقة تصريحات ترامب، قائلاً: "من غير المنطقي أن يكون هناك تمويل أمريكي مباشر لمشروع بلغت كلفته نحو 8 مليارات دولار، في حين أن المساعدات الأمريكية المقدمة لإثيوبيا كانت لا تتجاوز عشرات الملايين".

وأشار شراقي إلى أن الولايات المتحدة اكتفت برعاية مفاوضات استمرت أربعة أشهر خلال عام 2020، قبل أن تفشل إثر غياب إثيوبيا عن التوقيع على الاتفاق المقترح.

وأضاف: "لو كانت لدى أمريكا إرادة حقيقية، لحُلت الأزمة منذ سنوات، لكنها لم تبذل أي جهود حقيقية لاحقًا، لا في عهد ترامب ولا بعده".

وفي رد مباشر على تصريحات ترامب، قال وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هبتامو إتيفا، إن مشروع سد النهضة تم بناؤه بإرادة الشعب الإثيوبي ومن أجل مصلحته، دون الحاجة لأي مساعدات خارجية.

يُذكر أن مصر كانت قد أعلنت في ديسمبر 2023 فشل المفاوضات مع إثيوبيا بشأن السد، مؤكدة احتفاظها بحقها في اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها المائي والقومي وفقًا للمواثيق الدولية.

وتأتي تصريحات ترامب الأخيرة في وقت حساس، وسط توترات إقليمية متصاعدة، واستعداد إثيوبيا لتشغيل التوربينات النهائية للسد خلال الأشهر القادمة. وفي ظل غياب أي تحركات دولية حقيقية، تبقى أزمة سد النهضة أحد أكثر الملفات تعقيدًا في منطقة شرق إفريقيا، دون مؤشرات واضحة على اقتراب حل نهائي لها.

تم نسخ الرابط