دار الإفتاء: يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر بإجماع العلماء.. والنبي أقر بذلك

مع دخول موسم الصيف يتساءل الكثير من الناس، خصوصًا المقيمين في المناطق الساحلية أو أثناء السفر، عن حكم استخدام ماء البحر المالح في الوضوء والطهارة، وهل الملوحة تؤثر على طهوريته؟
بحسب ما أجمعت عليه المذاهب الفقهية ودار الإفتاء المصرية، أن ماء البحر طهورٌ يجوز التطهّر به، سواء في الوضوء أو الغُسل، بل هو من المياه التي نصّ عليها النبي ﷺ صراحة في الحديث الصحيح.
حديثٌ صريح يرفع الإشكال: “هو الطَّهورُ ماؤُه”
في الصحيح أن أحد الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم أثناء سفر بحري:
“يا رسولَ اللهِ، إنَّا نركبُ البحرَ، ونحمِلُ معنا القليلَ من الماءِ، فإن توضَّأنا به عطِشنا، أفنتوضَّأُ من ماءِ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هو الطَّهورُ ماؤُهُ، الحلُّ ميتتُهُ” [رواه أبو داود والترمذي].
وقد علّق العلماء على هذا الحديث بأنه نصّ قاطع في طهورية ماء البحر، وأن ملوحته لا تخرجه عن كونه طاهرًا مطهِّرًا، أي يصلح لرفع الحدثين الأصغر (الوضوء) والأكبر (الغسل).
الإجماع الفقهي: ماء البحر من “المياه الطهور”
أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية منشورة على موقعها أن ماء البحر داخلٌ ضمن قائمة “المياه الطهور” التي يجوز بها الوضوء شرعًا، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، بل قال به الحنفية أيضًا.
وأضافت الدار: “لا فرق في شرع الله بين الماء العذب أو المالح طالما لم يختلط بشيء يسلب عنه وصف الطهارة”.
متى يُمنع التطهّر بماء البحر؟
أوضح العلماء أن ماء البحر يظل طهورًا ما لم تتغير أحد أوصافه (اللون، الطعم، أو الرائحة) بشيء نجس.
أما التغيُّر الطبيعي بسبب ملوحة البحر أو الكائنات البحرية أو الطحالب، فلا يقدح في طهوريته، كما ورد عن أئمة المذاهب الأربعة.
وبالتالي، لا يجوز للمسلم أن يمتنع عن الصلاة بحجة عدم وجود ماء عذب إذا كان البحر متاحًا، لأن الشرع لم يقيّد الطهارة بنوع المياه بل بصفاتها
آداب الوضوء قبل الشروع فيه:
- النية: استحضار نية الطهارة ورفع الحدث امتثالًا لأمر الله.
- التسمية: قول “بسم الله” قبل البدء في الوضوء، وهو مستحب عند الجمهور وواجب عند بعض العلماء.
- استخدام السواك: تنظيف الفم بالسواك أو ما يشبهه، اتباعًا لسنة النبي ﷺ.
آداب أثناء الوضوء:
- الاقتصاد في الماء: عدم الإسراف حتى لو كان الماء وفيرًا، فقد توضأ النبي ﷺ بمدٍّ (قرابة نصف لتر).
- غسل الأعضاء ثلاثًا: إلا الرأس، تُمسح مرة واحدة، وهي السنة في أغلب الأعضاء.
- البدء باليمين: في غسل اليدين والرجلين، تيمنًا وتأسّيًا بالنبي ﷺ.
- الدلك: إيصال الماء إلى جميع الأعضاء مع فركها باليد.
- الموالاة: أي غسل الأعضاء تباعًا دون فاصل زمني طويل.
- الترتيب: المحافظة على الترتيب الوارد في القرآن: الوجه، ثم اليدان، ثم مسح الرأس، ثم الرجلان.
آداب بعد الانتهاء من الوضوء:
- الدعاء المأثور: قول:
“أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”.
جاء في الحديث أن من قال ذلك فُتحت له أبواب الجنة الثمانية.
- صلاة ركعتين بعد الوضوء (تُسمى سُنة الوضوء)، وقد ثبت في الحديث أن من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غُفرت له ذنوبه.
- المحافظة على الطهارة: بالحرص على تجديد الوضوء كلما انتقض، ودوام الطهارة من علامات الإيمان