بعد تحذير روسيا.. معلومات حول مفاعل "بوشهر" أول محطة للطاقة النووية في إيران

صرح مدير شركة روس آتوم الروسية للطاقة النووية أليكسي ليخاتشوف، يوم الجمعة، إن المختصون الروس لا زالو يعملون في محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران، وإن الوضع هناك طبيعي وتحت السيطرة.
وأضاف ليخاتشوف أنه يأمل أن تكون القيادة الإسرائيلية قد تلقت تحذيرات روسيا لإسرائيل بعدم مهاجمة الموقع. ويأتي هذا التصريح وسط تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وتزايد المخاوف من احتمال استهداف منشآت نووية في إيران.
محطة بوشهر النووية
على ضفاف الخليج العربي، وتحديدًا قرب مضيق هرمز، تقع محطة بوشهر النووية، التي أصبحت رمزًا معقدًا في تاريخ إيران النووي. ورغم طابعها السلمي في توليد الكهرباء، فإنها ظلت تحت مجهر الرقابة الدولية، بسبب ارتباطها الوثيق بمشروع إيران النووي الأوسع، والتعاون الروسي في إنشائها، وموقعها الاستراتيجي الحساس.
بداية مع ألمانيا ونهاية مع روسيا
بدأت قصة المفاعل في السبعينيات حين وقّعت إيران، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، عقدًا مع شركة سيمنز الألمانية لبناء مفاعلين. إلا أن الثورة الإسلامية عام 1979 أنهت الاتفاق، فتوقفت الأعمال وانسحبت سيمنز، ليبقى الموقع مهجورًا لسنوات.
وفي التسعينيات، أعادت إيران إحياء المشروع بالتعاون مع روسيا. وتم توقيع عقد رسمي عام 1995 مع شركة "روس آتوم" لإنهاء بناء أحد المفاعلين. ورغم التأخيرات السياسية والفنية، دخل المفاعل الخدمة رسميًا عام 2011، وتم ربطه بالشبكة الوطنية للكهرباء في سبتمبر من نفس العام، ليبلغ كامل طاقته التشغيلية بحلول عام 2013.

مواصفات المفاعل
يقع المفاعل على بعد 17 كيلومترًا من مدينة بوشهر، على مساحة تُقدر بـ 2.5 كيلومتر مربع. وهو من نوع "VVER-1000" الروسي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 1000 ميغاواط، تسدّ جزءًا كبيرًا من احتياجات الطاقة في جنوب إيران.
يُورّد الوقود النووي للمفاعل من روسيا بموجب اتفاق طويل الأمد، يتضمن أيضًا إعادة تصدير الوقود المستخدم إلى موسكو، للحد من خطر استخدامه عسكريًا.
خلافًا لمنشآت نطنز وفوردو، فإن بوشهر لا يُستخدم لتخصيب اليورانيوم، ولا يُعالَج فيه الوقود داخل إيران، ما يجعله خارج دائرة الخطر الفوري للانتشار النووي. وتخضع المحطة لرقابة كاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وتُعد بمثابة واجهة سلمية لبرنامج إيران النووي.
ومع ذلك، فإن بوشهر يُمثل ورقة سياسية ودبلوماسية في يد طهران، حيث يمنح العلماء الإيرانيين خبرة تشغيل مفاعل نووي حقيقي، ويُبرز التقدم التكنولوجي الإيراني، ويُثبت قدرة البلاد على بناء محطة نووية رغم العقوبات والضغوط.

تهديدات واجهت مفاعل “بوشهر”
رغم عدم استهدافه بهجمات مباشرة مثل نطنز، واجه بوشهر تحديات أمنية وطبيعية، منها زلزال عام 2013 بقوة 6.3 درجات قرب الموقع، دون تسجيل أضرار كبيرة. وفي يوليو 2021، توقف المفاعل مؤقتًا بسبب عطل تقني، مما أثار شكوكًا حول كفاءة التشغيل والبنية التحتية.
بخلاف منشآت مدفونة مثل فوردو، يقع مفاعل بوشهر فوق سطح الأرض، مما يجعله عرضة لهجمات جوية أو صاروخية. لكن وجود الخبراء الروس داخل المنشأة وارتباطها باتفاقات دولية، يشكل خطًا أحمر دبلوماسيًا.
أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وجود 600 موظف روسي في بوشهر، بينهم 250 دائمون. وأكّد أن إسرائيل تعهدت لروسيا بعدم استهدافهم، في ضوء التوتر العسكري المستمر بين طهران وتل أبيب.
وتُعتبر محطة بوشهر شاهدًا على عقود من الطموح النووي الإيراني، بدءًا من عهد الشاه وحتى الجمهورية الإسلامية، مرورًا بالشراكات الدولية والتوترات الجيوسياسية. ورغم طبيعتها السلمية المعلنة، فإن رمزيتها السياسية والتقنية تجعل منها محورًا في المعادلة النووية الإقليمية والدولية.