هل للدعاء أفضلية خاصة في ليلة الجمعة ؟ علماء الأزهر يوضحون

ليلة الجمعة ليست كغيرها من الليالي، فهي تحمل في طياتها روحانية خاصة وفضائل متعددة وردت في نصوص السنة النبوية، من أهمها فضل الدعاء. ويحرص المسلمون في أنحاء العالم على اغتنام هذه الليلة بالتقرب إلى الله بالدعاء، رجاء أن تكون ساعة استجابة تتنزل فيها الرحمات وتُجاب فيها الدعوات.
الجمعة.. يوم له شأن عظيم وليلتها تبشر بالرحمة
تبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس. وقد أولى الإسلام هذه الليلة مكانة خاصة، لما فيها من تهيئة روحية لاستقبال يوم الجمعة، الذي وصفه النبي ﷺ بأنه “خير يوم طلعت عليه الشمس”، كما في صحيح مسلم.
وفي ضوء هذا التعظيم، جاءت أحاديث وآثار تؤكد أن للدعاء في هذه الليلة فضلًا وأثرًا خاصًا، لارتباطها بيوم عظيم هو يوم الجمعة، الذي ورد فيه حديث النبي ﷺ:
«فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» (رواه البخاري ومسلم).
ورغم أن الحديث يُشير إلى يوم الجمعة تحديدًا، فإن جمهور العلماء على أن ليلة الجمعة داخلة ضمن نطاق البركة، وأن الدعاء فيها مشروع ومرغوب، لا سيما مع حلول أولى ساعات يوم الجمعة بعد غروب شمس الخميس.
فضل الدعاء واستجابة الرجاء
الدعاء عبادة عظيمة حث عليها الإسلام في كل وقت، لكنها في ليلة الجمعة تكتسب قيمة خاصة، إذ تتعلق بيومٍ جعله الله عيدًا أسبوعيًا، واختصه بساعات استجابة. وقد ذهب عدد من أهل العلم إلى أن “الساعة المستجابة” قد تبدأ من ليلة الجمعة وتمتد إلى آخر ساعة من النهار.
ومن أبرز ما روي في ذلك، ما قاله الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد:
“أقرب الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر، وقد تكون ممتدة من بداية الليل، ويُرجى فيها إجابة الدعاء، خصوصًا إذا وافقت خضوعًا وخشوعًا وتضرعًا”.
وقد نقل ابن كثير والقرطبي عن السلف الصالح اهتمامهم بالدعاء في ليلة الجمعة، وحرصهم على اغتنامها، خصوصًا في الثلث الأخير من الليل، حيث تنزل الرحمة، ويكون الله أقرب إلى عباده، لقوله ﷺ:
«ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟» (رواه البخاري ومسلم).
الدعاء والصلاة على النبي ﷺ
من الآداب التي أوصى بها النبي ﷺ في ليلة الجمعة ويومها: الإكثار من الصلاة عليه، وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدعاء، حيث جاء في الحديث:
«أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلتها، فإن صلاتكم معروضة عليّ» (رواه البيهقي ).
ويُرجى لمن يكثر من الصلاة على النبي ﷺ أن يُستجاب دعاؤه، فقد ورد في الأثر أن من أعظم أسباب قبول الدعاء أن يُبدأ بالصلاة على النبي ﷺ ويُختم بها، وهذا ما فعله الصحابي حين دعا أمام النبي، فقال له:
«إذاً تُكفى همك، ويُغفر لك ذنبك» (رواه الترمذي).
التحري في الساعات المباركة
ورغم اختلاف العلماء في تحديد ساعة الاستجابة في يوم الجمعة، إلا أن كثيرًا من أهل العلم قالوا إنها تشمل وقت الليل أيضًا، وخاصة الساعات التي تسبق الفجر، ما يجعل من ليلة الجمعة فرصة عظيمة للدعاء، خصوصًا في أوقات السكون وصفاء القلب.
ويشير الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، في أحد لقاءاته، إلى أن “الجمعة وليلتها هما محطة من محطات الصفاء والتوبة، والدعاء فيهما أقرب للقبول، وخاصة من قلب صادق متضرع”.
دعوة للمسلمين: لا تفوّتوا ليلة الجمعة
وفي ظل ما ورد من فضائل، يدعو العلماء والدعاة المسلمين إلى استغلال ليلة الجمعة بالدعاء لأنفسهم وأهليهم وأمتهم، والتوبة من الذنوب، وطلب الرزق والشفاء والهداية، سائلين الله أن يجعلها ساعة استجابة ورحمة.
ويؤكد الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله – في إحدى خواطره أن “من عرف قيمة ليلة الجمعة، بات فيها بين استغفار وابتهال، لأنه على يقين أن الله لا يرد عبدًا لجأ إليه في هذا التوقيت”