خيارات صعبة وتحدى إيرانى.. كيف ستواجه إسرائيل معضلة الحوثى؟

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن أن استمرار جماعة الحوثي اليمنية في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، ما زال يمثل "معضلة أمنية كبيرة"، وهو ما يضعها أمام عدة خيارات صعبة، إلى جانب تحدى مواصلة إيران دعمها للجماعة اليمنية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي - في بيان له- أنه منذ عملية "طوفان الأقصى" فى 7 أكتوبر من العام 2023، أطلق الحوثيون نحو 320 طائرة مُسيرة و40 صاروخًا "أرض-أرض"، مشيرًا إلى أنه تم اعتراض معظم الصواريخ التي اقتربت من إسرائيل.
وفي ديسمبر الماضي، وبعد رابع قصف إسرائيلي على اليمن، قال وزير الدفاع الإسرائيلي في بيان: "سوف نطارد جميع قادة الحوثيين، وسنضربهم كما فعلنا في أماكن أخرى".
الحوثي تحدي أمني كبير
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن جماعة الحوثي اليمنية، تمثل "تحديًا أمنيًا فريدًا" لإسرائيل، وذلك بسبب بعد اليمن جغرافيًا عنها، إلى جانب تزايد الدعم الشعبي للجماعة داخل اليمن، خاصة بعد القصف الإسرائيلي والأمريكي لها.
ونقلت الصحيفة عن خبراء أمنيين، قولهم إن: "إسرائيل ينبغي أن تتجاهل الحوثيين في الوقت الحالي، وتركز بدلاً من ذلك على إيران، التي تمثل التهديد الاستراتيجي الطويل المدى"، وهو نفس الاتجاه الذي كشف عنه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني جانتس، الذي قال في ديسمبر الماضي: "الحل ضد الإرهاب القادم من اليمن يكمن في طهران".
صعوبات فى طريق القضاء على الحوثي
ويرى بعض المحللين أن استهداف إيران مباشرة قد لا يوقف الهجمات الحوثية تمامًا، لكنه سيُضعف الجماعة، ويساعد في تحقيق الهدف الاستراتيجي طويل الأمد لإسرائيل، وهو منع إيران من تطوير برنامجها النووي، بحسب الصحيفة.
وكشف مصدر استخباراتي إسرائيلي لصحيفة "تليجراف" البريطانية، عن أن الحوثيين تمكنوا من "مفاجأة إسرائيل"، لكنه شكك في قدرتهم على الاستمرار بنفس الحدة في حملتهم. وذكر المصدر أن: "الحوثيون لا يمتلكون قدرات حزب الله، وقد أصابت الهجمات الأمريكية والبريطانية بعضا من هذه القدرات، لكنها لم تفلح فى القضاء عليها تماما، كونها موزعة في أنحاء اليمن، مما يجعل من الصعب تحديد مواقعها أو التعامل معها".
وأكد المصدر أن: "إسرائيل تجد صعوبة في جمع المعلومات عن الحوثيين، إذ لم تعتبرهم تهديدًا قبل هجمات 7 أكتوبر الماضي. كنا نعتقد دائمًا أن الحوثيين ليسوا مشكلة إسرائيلية".
تحالف إقليمي.. أم ضرب إيران؟
وأوضح المصدر أنه: "لا توجد حدود مشتركة، وهم بعيدون جدًا، لذا فإن الخيارات أقل. لكن هناك العديد من القبائل والحكومة اليمنية الشرعية التي نتعاون معها، ويمكنهم تزويدنا بمعلومات مفيدة للغاية".
وأكدت "وول ستريت جورنال" أن أفضل حل طويل المدى لـ"مشكلة الحوثيين" قد يكون تشكيل تحالف إقليمي، بقيادة الولايات المتحدة، يضم دول الخليج التي تواجه تهديدات متزايدة من الجماعة اليمنية، بما في ذلك السعودية والإمارات. ومع ذلك، قد يتطلب هذا تنازلات صعبة من إسرائيل في ملفات أخرى، مثل القضية الفلسطينية.
وقالت إن إسرائيل تواجه الآن خيارًا استراتيجيًا، وهو إما الاستمرار في استهداف معاقل الحوثيين في اليمن، أو ضرب إيران مباشرة، وهو الأمر الذي يشكل نقطة داخل دوائر صنع القرار بإسرائيل، حيث يرى بعض المسئولين الإسرائيليين أن الحل يكمن في التعامل مع التهديدات بشكل منفصل.
ويقول خبراء إن استمرار الضربات الإسرائيلية يبعث برسالة للمنطقة، مفادها أن محاولات استهداف إسرائيل "ستكلف ثمنًا باهظًا".
دعم إيراني قوي
على الجانب الآخر، صرّح عبدالباسط البحر، المتحدث باسم الجيش اليمني في محافظة تعز اليمنية، لصحيفة "التليحراف"، بأن إيران "قدمت لجماعة الحوثيين اليمنية إمدادات كافية لاستمرار هجماتها على إسرائيل وعملياتها ضد الشحن العالمي لسنوات قادمة"، مؤكدًا أن التصعيد الأخير بين الحوثي وإسرائيل يمثل "دليلاً واضحًا على زيادة إيران دعمها للحوثيين بعد ضعف حماس وحزب الله، وسقوط نظام الأسد".
وأضاف أن الحوثيين يمتلكون "صواريخ وطائرات متطورة، كما أن لديهم ورشًا لتجميع وتصنيع الطائرات بدون طيار وتطوير الصواريخ، بمساعدة الخبرات الإيرانية"، لافتًا إلى أن إيران تواصل تهريب أجزاء الأسلحة، وخاصة الطائرات بدون طيار والصواريخ، التي يتم تجميعها محليًا في اليمن، و "من المستحيل تحديد عدد محدد لهذه الأسلحة، لكن بالنظر إلى العمليات التي ينفذها الحوثيون، نعتقد أن الكمية كبيرة، وأن المخزون يمكن أن يستمر لسنوات عديدة".
من جانب آخر، أشار علي البخيتي، المتحدث السابق باسم الحوثيين، والذي انشق عن الجماعة في 2015، ويعيش الآن في المملكة المتحدة، إلى أن المخزون الحوثي ليس غير محدود، وسيُستهلك بفعل العمليات الحالية، قائلاً لـ"تليجراف" البريطانية: "بالتأكيد، يمتلك الحوثيون مخزوناً هائلاً من الأسلحة، يمكنهم من القتال لسنوات، لكن الأسلحة التي يستخدمونها ضد إسرائيل أقل، وتأتي من إيران".
وقال البخيتي إن إيران تكثف دعمها للحوثيين بعد سقوط نظام الأسد وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، مضيفا أن دعم إيران هو ما مكّن الحوثيين من استهداف تل أبيب، وأنه طالما لم تدفع إيران ثمناً لذلك، فإنها ستستمر.
إسرائيل واستهداف قادة الحوثي
وأكد المتحدث باسم الجيش اليمنى فى تعز، أن القضاء على قائد الجماعة، عبدالملك الحوثي، سيكون ضروريًا إذا كان للحملة ضد الجماعة أي فرصة للنجاح، وهو ما أيده مصدر إسرائيلي لـ"التليجراف"، لافتًا إلى أن الجماعة ستواجه صعوبة في التعافي إذا تم القضاء على قادتها.
وأشار المصدر الإسرائيلي إلى أن "الجماعة بأكملها تعتمد على زعيمها عبدالملك وشقيقه، وإذا تم القضاء عليهما، فإن النظام بأكمله سينهار"، مؤكدًا أن اغتيال قادة الحوثيين قد يُنفذ إذا استمرت الجماعة في استهداف المدن والبلدات الإسرائيلية.