مفتي الجمهورية الأسبق: الشريعة الإسلامية بين الثبات والمرونة (فيديو)

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الشريعة الإسلامية تنطوي على أحكام ثابتة لا تتغير، إلا أنها تتميز في ذات الوقت بمرونة اجتهادية تتأثر بتغير الزمان والمكان والعرف والأحوال، وفق ضوابط شرعية محددة تضمن عدم الخروج عن مقاصد الدين.
الأحكام الاجتهادية
وأوضح الدكتور علام خلال مشاركته في حلقة برنامج "الفتوى والحياة" المذاع على قناة الناس اليوم السبت، أن التمييز بين الأحكام القطعية والأحكام الاجتهادية هو الأساس في فهم الشريعة، إذ إن الثوابت مثل أركان الإسلام وتحريم الكبائر لا يمكن المساس بها، بينما تترك المسائل الفرعية التي تعتمد على العرف والمصالح المرسلة مجالًا للمرونة والتجديد.
الأحكام الشرعية
وأوضح أن العلماء قد نصّوا على أن الفتوى تتأثر بأربعة عوامل رئيسية؛ الزمان والمكان والأشخاص والأحوال؛ هذا التصنيف لا يعني أن الأحكام الشرعية قابلة للتبديل، بل يشير إلى أن تطبيق الحكم على الواقع يحتاج إلى اجتهاد يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة وظروفها الخاصة؛ فقد تُطرح مسألة جديدة أو يُطرأ تغيير في المعطيات الاجتماعية والاقتصادية أو البيئية مما يستدعي إصدار فتوى جديدة تناسب تلك الظروف دون أن يؤثر ذلك على الأسس الثابتة للشريعة.
الفتوى الصحيحة
وأشار شوقي علام خلال "الفتوى والحياة"، إلى أن الفتوى الصحيحة ليست مجرد استنتاج نظري، بل هي تطبيق دقيق للحكم الشرعي على الواقع المعاش، مؤكدًا أن تغيير الفتوى في مسائل الاجتهاد لا يعني تغيير الحكم الشرعي الثابت، بل هو اجتهاد جديد يتماشى مع تطور الظروف المحيطة ومسائل الحياة المعاصرة؛ فالمفتون مطالبون بأن يكونوا على دراية تامة بفقه الواقع، حتى لا تُنسب إليهم مسائل أو ممارسات لا تتماشى مع روح الشريعة ومقاصدها التي تقوم على العدل والتيسير.
الأحكام النظرية
وأكد مفتي الديار المصرية السابق، أن غياب فهم عميق لفقه الواقع قد يؤدي إلى نسب أمور غير صحيحة إلى الشريعة الإسلامية، مما يضر بصورة الدين ويخلق فجوة بين الأحكام النظرية والواقع العملي؛ ولذلك، دعا إلى ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية الصارمة عند إصدار الفتاوى، على أن يكون الاجتهاد مبنيًا على معايير دقيقة توازن بين الثبات والمرونة، بحيث يحافظ على مبادئ العدل والتيسير التي أرادها الله تعالى لعباده.
الأحكام المطلقة
وأوضح "علام"، أن عملية الاجتهاد ليست مسألة تعسفية أو تغيير في الأحكام المطلقة، بل هي استجابة ذكية للتحديات المعاصرة، حيث يُراعى فيها اختلاف الأزمنة والأماكن وظروف الناس، ما يتيح للمجتهدين تقديم حلول عملية تلائم الاحتياجات المتغيرة دون الإخلال بأصول الدين، وهذا النهج يُعدُّ منسمو فقهاء العصر، إذ يُثبت أن الشريعة الإسلامية دين شامل يتعامل مع مختلف جوانب الحياة بشكل مرن دون أن يفقد رصانته واستقراره.
العدالة الاجتماعية
كما أشار فضيلة المفتي السابق، إلى أهمية الدور الذي يلعبه العلماء والدعاة في توجيه الناس نحو فهم صحيح للفتوى، مؤكدًا أن الوعي بفقه الواقع يساهم في الحد من الفهم الخاطئ للأحكام الشرعية، ويساعد في بناء مجتمع قائم على القيم النبيلة والعدالة الاجتماعية داعيًا إلى تعزيز الحوار بين مختلف الجهات العلمية لضمان إصدار فتاوى تخدم المصلحة العامة وتحقق مقاصد الشريعة في إصلاح النفوس وتنظيم العلاقات.

الأحكام الثابتة
شدد الدكتور شوقي علام، على أن التمييز بين الأحكام الثابتة والأحكام الاجتهادية ليس مجرد نظرية فقهية، بل هو منهجية عملية تضمن استمرارية الدين في مواكبة التطورات دون المساس بجوهره الثابت، كما يرى أن العودة إلى ضوابط الاجتهاد والالتزام بفقه الواقع هي السبيل لتحقيق العدالة والتيسير على الناس، وهو ما يرسخ أركان الشريعة الإسلامية كأساس متين في بناء مجتمع متوازن يسوده الحق والرحمة.