خبير نووي: الأزمة ليست نووية بل صراع أمريكي لمنع هيمنة الصين

في خضم التصعيد الإقليمي المتسارع بين طهران وتل أبيب ، ومع تصاعد المخاوف من انزلاق المواجهة إلى سيناريو نووي كارثي، يخرج الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، برؤية مغايرة تُفنّد السرديات التقليدية حول طبيعة الصراع.
يرى عبد النبي أن ما يجري ليس أزمة نووية بقدر ما هو صراع سياسي تقوده الولايات المتحدة لإقصاء إيران، في إطار معركة أكبر تستهدف الحد من نفوذ الصين المتنامي في المنطقة. وفي تصريحات قوية، يُحذّر عبد النبي من أن استهداف المفاعلات النووية النشطة قد يُشعل كارثة بيئية تهدد الملايين، داعيًا إلى وقف التلاعب بالملف النووي لتحقيق مكاسب جيوسياسية.
وفي هذا السياق قال الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، إن الأزمة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل ليست في جوهرها أزمة نووية أو فنية تتعلق بالتخصيب أو تصنيع قنبلة ذرية، بل هي في الأصل "أزمة سياسية أمريكية بامتياز"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تسعى لإقصاء القيادة الإيرانية الحالية بسبب موقفها المعارض للسياسات الأمريكية وتحالفها مع الصين وروسيا.
وأوضح عبد النبي أن إسرائيل ليست سوى "الولاية رقم 51 لأمريكا"، وتُمثّل قاعدة عسكرية متقدمة لواشنطن في الشرق الأوسط، قائلاً: "نتنياهو لا يُحكم دولة مستقلة، بل هو حاكم ولاية أمريكية متقدمة في قلب الشرق الأوسط، تُخزن فيها واشنطن أسلحتها وتُخطط منها لحروبها المقبلة."
وأضاف: "العداء الأمريكي لإيران تصاعد بعد سقوط نظام الشاه، الموالي للغرب، وصعود نظام سياسي يعارض الهيمنة الأمريكية. وفي حين دعمت واشنطن البرنامج النووي الإيراني في زمن الشاه، فإنها اليوم تحاربه لأنه تحت قيادة معارضة."
الهدف الحقيقي: منع هيمنة الصين
وأشار عبد النبي إلى أن الهدف النهائي للولايات المتحدة ليس إيران بحد ذاتها، بل الصين، قائلًا: "الصين قادمة بقوة، وأمريكا تدرك أن استمرار الصين في الحصول على الطاقة من دول الخليج، وعلى رأسها إيران، سيعزز من قوتها، لذا تسعى واشنطن لضرب إيران لإضعاف الصين."
وتابع: "أمريكا لا تمانع إيران نووية إذا كانت خاضعة، لكنها لا تقبل وجود قوة مستقلة في المنطقة تُعطل مصالحها، خصوصًا في منطقة غنية بالبترول والغاز مثل الخليج، حيث تمتلك قواعد في قطر والكويت والبحرين والسعودية، وتعتبر وجود إيران المستقل تهديدًا مباشرًا."
إسرائيل وإيران.. مخاطر المفاعلات والكارثة المحتملة
وفيما يخص احتمالات استهداف المنشآت النووية، قال عبد النبي إن منشآت التخصيب مثل "ناتنز" و"فوردو" ليست مصدر خطر كبير حال استهدافها، لأن المواد بداخلها منخفضة الإشعاع، والمخاطر تنحصر في التسمم الكيميائي أكثر من النووي.
لكن الخطر الحقيقي، بحسب عبد النبي، يتمثل في مفاعل بوشهر الإيراني ومفاعل ديمونا الإسرائيلي، موضحًا: "هذه المفاعلات تحتوي على وقود نووي محترق، شديد الإشعاع، وإذا تم استهدافها وحدث تسرب في وجود رياح، فقد تقع كارثة بيئية مشابهة لتشيرنوبل أو فوكوشيما، تهدد دول الخليج والعراق والأردن، بينما تظل مصر بعيدة جغرافيًا عن التأثر المباشر."
خاتمة وتحذير
واختتم عبد النبي تصريحه محذرًا من أن "التهور في ضرب مفاعلات نشطة قد يقود المنطقة إلى كارثة إنسانية وبيئية ضخمة، كما أن التلاعب السياسي بملف نووي حساس، لمجرد تصفية حسابات دولية، يُعد من أخطر ما يهدد الاستقرار العالمي الآن."