عاجل

"إيبارشيات" المهجر.. وجه عالمي للكنيسة القبطية

كنيسة
كنيسة

شهدت الكنيسة خلال القرن العشرين تطورًا لافتًا في بنيتها الكنسية، تمثل في تأسيس إيبارشيات المهجر في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي باتت اليوم تمثل وجهًا عالميًا للكنيسة المصرية، وجاء هذا التوسع استجابة لحاجة ملحة فرضها الواقع الجديد للهجرة القبطية، وحرصًا على استمرار الرعاية الروحية لأبناء الكنيسة في دول الشتات.

الهجرة وتحديات الهوية

وبدأت ملامح الهجرة القبطية إلى الخارج تتزايد في خمسينيات القرن الماضي، ثم تسارعت في السبعينيات وما تلاها، متجهة نحو أمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا، بفعل ظروف اقتصادية أو اجتماعية. ومع تزايد أعداد الأقباط بالخارج، برزت الحاجة إلى تنظيم كنسي منضبط يخدمهم ويرعى أبناءهم دينيًا وثقافيًا.

انطلاق إيبارشيات المهجر

وفى عهد قداسة البابا شنودة الثالث، شهدت الكنيسة انطلاقة كبرى في تأسيس إيبارشيات خارج مصر. فكانت إيبارشية سيدني بأستراليا من أوائل الإيبارشيات التي تم تدشينها، تبعتها إيبارشيات في لوس أنجلوس، وشمال أمريكا، وجنوب الولايات المتحدة، وكندا، وإنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، وجنوب إفريقيا.

وقد تم اختيار أساقفة متخصصين يحملون رؤية رعوية وثقافية تتناسب مع طبيعة المجتمعات الغربية، لضمان الحفاظ على الهوية القبطية الأرثوذكسية في أوساط الجيل الثاني والثالث من المهاجرين.

دور إيبارشيات المهجر

تقوم إيبارشيات المهجر بدور محوري في:

  • تأسيس الكنائس والمدارس القبطية.
  • إقامة الأنشطة التربوية والتعليمية.
  • الحفاظ على اللغة القبطية والطقوس الأرثوذكسية.
  • المشاركة في حوارات الأديان والثقافات.
  • تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لأبناء الجالية.

إيبارشية الإسكندرية

في المقابل، تُعد إيبارشية الإسكندرية هي الأقدم تاريخيًا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إذ تأسست في القرن الأول الميلادي على يد القديس مارمرقس الرسول، الذي بشر بالمسيحية في مصر. ومن هذه الإيبارشية انطلقت باقي الإيبارشيات تدريجيًا داخل مصر، ثم خارجها، لتُشكّل نواة الكنيسة الأم.

كنيسة واحدة وهوية ممتدة

ورغم اختلاف الجغرافيا، تُواصل إيبارشيات المهجر رسالتها في خدمة الكنيسة، باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لإيمان آباء الصحراء، ورسالة كرازة القديس مرقس، محافظة على الوحدة العقيدية، والربط الروحي المتين مع الكرسي الإسكندري في مصر.

 أولى إيبارشيات المهجر

إيبارشية شمال أمريكا، كانت من أولى الإيبارشيات التي أسست رسميًا في المهجر، وتمت رسامة أول أسقف لها عام 1995.

وقبل تأسيس الإيبارشيات رسميًا، كان الكهنة يخدمون الجاليات القبطية بالخارج دون هيكل إداري ثابت، وكانت الكنائس تتبع مباشرة قداسة البابا في مصر.

اليوم، يبلغ عدد إيبارشيات المهجر أكثر من 40 إيبارشية موزعة على خمس قارات، بما فيها:

أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، أوروبا (إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، هولندا، النمسا، الدول الإسكندنافية)، أستراليا ونيوزيلندا، وأفريقيا (جنوب أفريقيا، كينيا، السودان)، وأمريكا الجنوبية (البرازيل، بوليفيا).

 دور إيبارشيات المهجر

إيبارشيات المهجر لا تهدف فقط إلى الصلاة، بل أيضًا إلى حماية الأجيال الجديدة من الذوبان الثقافي، فأنشأت مدارس الأحد بلغات مزدوجة (قبطي-إنجليزي أو قبطي-فرنسي).

تُخصص بعض الإيبارشيات أيامًا سنوية لـ"مهرجان الهوية القبطية" لتعليم الشباب عن آباء البرية، الطقوس الكنسية، والتاريخ الوطني المصري.

تسهم الكنائس القبطية في الخارج في الحوار المسيحي الإسلامي والمسيحي اليهودي، وتُعد سفراء للكنيسة المصرية في العالم.

تم نسخ الرابط