الكنيسة القبطية تحتفل بتطييب رفات الشهيد "أبى سيفين" فى طموه

فى أجواء مهيبة مملوءة بالإيمان والتراث الروح، شهد دير الشهيد فيلوباتير مرقوريوس المعروف باسم "أبي سيفين" في طموه التابع إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، احتفالًا كنسيًا مميزًا بمناسبة تذكار نقل أعضاء الشهيد إلى كنيسته التاريخية بمصر القديمة، وهو التذكار الذي تحييه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في التاسع من بؤونة من كل عام قبطي.
وترأس صلوات القداس الإلهي وطقس تطييب الرفات صاحبا النيافة الأنبا باسيليوس، أسقف ورئيس دير القديس الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون، والأنبا صموئيل، أسقف إيبارشية طموه، وذلك بكاتدرائية الشهيد أبي سيفين والقديس الأنبا كاراس السائح بالدير الأثري في طموه، بمشاركة عدد من الآباء كهنة الإيبارشية والرهبان، وسط حضور شعبى من محبي الشهيد.
طقس التطييب: رمزية وتاريخ
ويُعد طقس تطييب الرفات أحد التقاليد الروحية العميقة في الكنيسة القبطية، ويُقام كتعبير عن الإكرام لمكانة القديسين والشهداء الذين قدّموا حياتهم شهادة للمسيح. وخلال الطقس، يُستخدم مزيج من الزيوت العطرية والحنوط لرمز التقديس والتبرك، وتُرفع الصلوات والترانيم تمجيدًا لفضائل الشهيد الذي صار مصدر فخر للأجيال.
ويُعد الشهيد "أبو سيفين" من أشهر شهداء الكنيسة القبطية، وهو فيلوباتير مرقوريوس، ضابط روماني عاش في القرن الثالث الميلادي، ولقّب بـ"أبي سيفين" لأن الملاك ميخائيل منحه سيفًا ثانيًا لمواجهة الاضطهاد الوثني. وقد استُشهد على يد الإمبراطور الروماني داكيوس بعد أن رفض إنكار إيمانه المسيحي، وأصبح رمزا للبطولة والثبات في الإيمان.
موقع طموه وأهمية الدير
يقع دير الشهيد أبي سيفين بطموه في منطقة جنوب الجيزة، ويُعد من أقدم الأديرة القبطية التاريخية، حيث تعود نشأته إلى القرن الخامس الميلادي، وارتبط بنمو الحياة الرهبانية على يد القديس الأنبا ببنودة، أحد أبرز آباء الرهبنة في مصر. ويحتوي الدير على كنائس أثرية، ومغارات للرهبان، ومكتبة روحية، كما يتميز بهدوئه ومكانته الروحية كوجهة للزائرين الباحثين عن السكون والتأمل.
مشاركة كهنوتية وشعبية واسعة
شهدت المناسبة حضور عدد كبير من الكهنة والرهبان، إلى جانب محبي الشهيد من الشعب القبطي، والذين توافدوا منذ الصباح الباكر للمشاركة في الصلاة وطلب شفاعة القديس أبي سيفين، المعروف بشفاعاته السريعة ومعجزاته الكثيرة، خصوصًا فيما يخص الشفاء والنصرة الروحية.
وفي ختام القداس، رفع الأسقفان الشكر لله على بركة هذا اليوم، وأكدا في كلمتيهما على أهمية التمسك بإيمان الشهداء والقديسين، والسير على نهجهم في حياة القداسة والشهادة للحق، مشيرين إلى أن هذه التذكارات ليست مجرد طقوس، بل دعوة حية للتجديد الروحي.
رسالة روحية متجددة
تأتي هذه المناسبة ضمن سلسلة من الاحتفالات الروحية التي تنظمها الكنيسة لإحياء سير القديسين والشهداء، والذين شكّلوا ذاكرة الكنيسة عبر قرون. وتؤكد مثل هذه الأحداث على استمرار الحضور الروحي الحي لهؤلاء الشهداء في وجدان المؤمنين، كما تفتح المجال أمام الأجيال الجديدة للتعرف على جذورهم الروحية والانتماء لتراثهم الكنسي العريق.