كيف يعرف الحاج أن حجه قد قُبل؟ دار الإفتاء توضح الحكم

مع انتهاء موسم الحج وعودة الحجاج إلى أوطانهم، يتردد على ألسنة كثير منهم سؤال : هل تقبّل الله حجي؟ ورغم أن القبول أمر غيبي لا يملكه إلا الله، فإن الشريعة الإسلامية بيّنت إشارات وعلامات يُستأنس بها، يراها الحاج في نفسه وحاله، وتشهد لها سلوكياته بعد أداء المناسك.
القبول.. رحمة من الله لا تُدرَك بالحواس ولكن تُلمَس بالنتائج
يؤكد العلماء أن القبول لا يُعرف على وجه اليقين في الدنيا، إلا أن الله سبحانه وتعالى أكرم عباده ببعض العلامات التي إن ظهرت، فهي بشارة خير، ودلالة على حسن الأداء وصدق النية.
قال تعالى:
“إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ” (المائدة: 27).
فأصل القبول هو صفاء النية وصدق التوجه، وموافقة السنة، وهو ما يتحقق إذا خرج الحاج لله وحده، بلا رياء ولا طلب للثناء، وأدى المناسك كما فعل النبي ﷺ.
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي:
“ليس الشأن أن تعمل العمل، إنما الشأن أن يُقبل منك العمل”،
وهذا ما كان يخشاه الصحابة رضي الله عنهم، رغم أعمالهم العظيمة، كانوا يخافون من عدم القبول أكثر من خوفهم من المعاصي.
6 علامات ظاهرة على قبول الحج
وفقاً لما ذكره عدد من كبار العلماء والدعاة، فإن هناك علامات يمكن أن تكون مؤشراً لقبول الله للحج، منها:
1. الاستقامة بعد الحج
إذا عاد الحاج إلى بيته أكثر التزامًا بالصلاة، وأحرص على الطاعة، وأبعد عن المعصية، فهذه من أوضح علامات القبول.
يقول أحد العلماء: “الحج المبرور يظهر بعد عودتك.. لا في مكة، بل في بيتك وبين أهلك”.
2. كراهية الذنوب وترك العادات السيئة
من وجد في نفسه نفورًا من المعاصي التي كان يستهين بها، وحرصًا على البعد عن الغيبة والنظر المحرم وسوء اللسان، فليعلم أن هذه هدية من الله بعد قبول نسكه.
3. تعلق القلب بالله
إذا أحس الحاج أن قلبه أصبح أقرب لله، وأكثر حياءً منه، واشتياقًا لذكره ومناجاته، فهذه علامة قلب قد رقّ بالحج، وتطهّر.
4. دوام الطاعات بعد العودة
من وُفّق بعد الحج إلى الاستمرار في قيام الليل، وصيام النوافل، وقراءة القرآن، والحرص على الجمعة والجماعة، فهو في خير عظيم.
5. تحسّن الأخلاق والسلوك
قال رسول الله ﷺ:
“الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” (رواه البخاري ومسلم)،
وقد فسّر العلماء “المبرور” بأنه ما لا يخالطه إثم، ويكون صاحبه حسن الخلق.
6. دمعة الخشوع إذا تذكّر المناسك
من بكى إذا سمع تكبير الحجيج، أو تأثّر عند سماع “لبيك اللهم لبيك”، فهذه علامة على حياة القلب، واستمرار أثر الشعائر في النفس.
لا تغتر.. ولا تقنط
يحذر العلماء من الوقوع في طرفين:
- الغرور بالعمل والاطمئنان الكاذب بأنه مقبول حتماً، فذلك من مكر النفس.
- أو القنوط واليأس، ظنًا بأن العمل لن يُقبل، فيكون ذلك من الشيطان.
بل يجب على المسلم أن يسير بين الخوف والرجاء. قال تعالى:
“وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون” (المؤمنون: 60).
قالت عائشة رضي الله عنها: “هم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون وهم يخافون ألا يُقبل منهم”