علامات الحج المبرور.. هل هناك أمور تجعل عبادتي غير مقبولة؟

الحج المبرور من أعظم النعم التي يمنُّ الله تعالى بها على العبد، وهو من أجلِّ ما يتقرب به العبد لخالقه، فهو أحد أركان الدين وأصوله؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].
الحج المبرور جزاؤه الجنة
وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الإمامان: البخاري -واللفظ له- ومسلم في "صحيحيهما".
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن فضل الحج وثوابه، وبيَّنَ أنَّ الحج المبرور جزاؤه الجنة، وأنَّ العبد إذا حج فلم يرفث ولم يفسق فإنَّه يرجع خاليًا من الذنوب كيوم ولدته أمه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» متفق عليه.
وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
فضل الحج وأثره في النفس والسلوك
الحج إلى بيت الله الحرام ليس مجرد عبادة تؤدى بالجسد، بل هو نفحة ربانية تهب على روح المسلم فتطهّرها، وتفتح له أبواب الرحمة والمغفرة. فإذا وفَّق الله عبده إلى أداء فريضة الحج مخلصًا النية، مجتنبًا الرفث والفسوق، فإنه يعود إلى أهله وقد غُفِرت ذنوبه، كما أخبر النبي ﷺ: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» (متفق عليه).
ولمكانة الحج العظيمة في نفوس المسلمين، فإن من أكرمه الله بهذه الفريضة ينظر إليه الناس نظرة توقير وإجلال، لأنه حديث عهد بالبيت العتيق ومشاعر الإيمان، ولذلك ينبغي أن يظهر أثر هذه الرحلة المباركة على سلوكه وأخلاقه، وأن يكون حاله بعد الحج خيرًا مما كان قبله.
وقد ورد عن بعض السلف أن من علامات الحج المبرور تحسُّن حال العبد واستقامته، فقد قال الحسن البصري رحمه الله في وصف الحج المبرور: “أن ترجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة”، فيكون الحاج بعد عودته أكثر تواصلًا مع الله، وأكثر حرصًا على الطاعة، وأبعد عن الذنوب والغفلة. وهذا هو التغيير الحقيقي الذي يجب أن يرافق نعمة الحج؛ حتى يَظهر أثر النعمة على العبد، كما قال النبي ﷺ: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» (رواه الترمذي وأحمد).
يعود أسوأ مما كان عليه.. احذر علامات لعدم قبول عبادة الحج
أكدت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن من علامات قبول الحج تحسُّن حال العبد مع الله ومع الناس بعد أداء الفريضة، وليس العودة إلى سابق التقصير أو ما هو أسوأ.
وقالت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "حواء"، المذاع على قناة الناس، أمس الاثنين: "للأسف الشديد، نلاحظ أن بعض الرجال والسيدات يعودون بعد أداء فريضة الحج إلى ما كانوا عليه قبل السفر، بل ربما إلى حالة أسوأ، وهذا أمر يستدعي التوقف والتفكر، فالحج ليس مجرد طقوس، بل رحلة إيمانية هدفها تهذيب النفس وتجديد العلاقة مع الله."
وأضافت: "العلامات الدالة على قبول الحج كلها إيجابية، فالمفترض أن يعود الإنسان من الحج بحال أفضل مما كان عليه: من كان متوسطًا في عبادته يصبح أقرب إلى الله، ومن كان صالحًا يزداد صلاحًا، أما إذا كان الإنسان يؤدي الفرائض بانتظام ثم يتوقف عنها، أو كان يصلي في وقتها ثم يبدأ في تأخيرها بلا عذر، أو إن كان يؤدي أعمالًا تطوعية ثم يتراجع عنها، فهذه كلها إشارات يجب التوقف عندها."
وأوضحت أن القبول وعدمه أمر غيبي، لا يعلمه إلا الله، لكن هناك مؤشرات يمكن أن تدل على أن حال العبد قد تحسّن أو ساء بعد الحج، موضحة: "إذا عاد الحاج كما هو أو أسوأ ظالمًا، مقصرًا، آكلًا لحقوق الناس فهذا دليل على أنه لم يتعلّم الدرس، ونحن لا نذهب إلى الحج إلا لكي نعود كما قال النبي ﷺ: (كيوم ولدته أمه)."
وعن كيفية التصرف إذا شعر الإنسان أنه عاد من الحج دون أثر يُذكر على حاله، قالت: "على الإنسان أن يقف مع نفسه وقفة صادقة، ويراجع علاقته بربه وبالناس، هو أنفق المال وتكبّد المشقة في عبادة شاقة كالحج، فهل يعقل أن يعود دون أي تحسُّن؟ إن وجد نفسه على حاله أو أسوأ، فعليه أن يُعاتب نفسه ويُصلح علاقته مع الله، ويردّ المظالم إن وُجدت، ويزيد في الطاعات، لا أن يتراجع عنها."