عاجل

هل يجوز أخذ أجر على تحفيظ القرآن الكريم؟ الإفتاء توضح الحكم

تعليم القران الكريم
تعليم القران الكريم

في ظل ازدياد الحاجة إلى المعلمين المحترفين لتحفيظ القرآن الكريم، ومع انتشار مراكز ودور التحفيظ، يتساءل كثيرون عن الحكم الشرعي لأخذ الأجر أو الراتب مقابل تعليم كتاب الله تعالى. فهل يجوز شرعًا تقاضي المال على عمل يرتبط بأشرف العلوم وأعظمها منزلة؟ أم أن ذلك يُخالف الإخلاص في عبادة عظيمة مثل تعليم القرآن الكريم؟

رأي جمهور العلماء

أجمع جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة على جواز أخذ الأجر على تحفيظ القرآن وتعليمه، مستندين إلى الأدلة العامة التي تجوّز أخذ العِوض على الأعمال النافعة والمباحة، بشرط أن لا يكون الهدف الأساسي من التعليم هو الكسب المادي فحسب، بل ينبغي أن يُصاحب النية طلب الثواب والأجر من الله تعالى.

وقد استدل العلماء بحديث صحيح ورد عن النبي ﷺ:
“إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله” — رواه البخاري، والمراد به الرقية بآيات القرآن، لكن كثيرًا من العلماء قالوا: ما دام جاز أخذ الأجر على القراءة لأجل الشفاء، فمن باب أولى أن يجوز أخذ الأجر على التعليم، لما فيه من نفع أعظم وأبقى.

كما أن تعليم القرآن يحتاج إلى وقت وجهد وتفرغ، وقد لا يتمكن المعلم من الاستمرار دون مقابل يُعينه على الحياة، وبالتالي لا حرج شرعًا أن يأخذ الأجر لقاء هذا العمل، طالما أنه يؤديه بإخلاص، ولا يتاجر بكتاب الله أو يستخدمه وسيلة للاستغلال أو التكسب غير المشروع.

 

من جانبها، أكدت دار الإفتاء المصرية أن أخذ الأجر على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم جائز شرعًا ولا حرمة فيه، موضحة أن المقابل المالي ليس ثمنًا للقرآن ذاته، وإنما هو بدل جهد ووقت ومهارة في التعليم، وهي أمور معتبرة في باب المعاوضات الشرعية.

وأضافت أن النية تلعب دورًا مهمًّا في هذا الباب، فمن علّم القرآن بنيّة نشر الخير، ونفع الناس، وطلب الأجر من الله، ثم أخذ أجرًا ماديًا ليسد به حاجته، فلا شيء عليه، بل يُؤجر على نيته وعمله معًا.

الضوابط الشرعية

لكن الفقهاء وضعوا عدة ضوابط لجواز أخذ الأجر على تعليم القرآن، منها:
• ألا يكون الأجر مشروطًا على عدد معين من الآيات مقابل مبلغ محدد بطريقة فيها استغلال.
• أن لا يؤدي طلب المال إلى تحريف النية أو تقصير في أداء الأمانة.
• أن يُراعى الجانب التربوي والروحي في التعليم، وليس فقط التلقين والحفظ

فضل تحفيظ القرآن الكريم :


1. نيل أعلى الدرجات في الجنة:
• قال النبي ﷺ: “يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” (رواه أبو داود والترمذي).
• وهذا يشمل من يحفظ القرآن ويُعلّمه للناس، لأن العلم النافع متعدّي النفع.
2. الاقتداء بسنة النبي ﷺ:
• كان رسول الله ﷺ يعلّم أصحابه القرآن، وكان هذا من أول ما نزل: {اقْرَأْ}.
• تحفيظ القرآن امتداد للوظيفة النبوية في تعليم الكتاب والحكمة.
3. الصدقة الجارية بعد الموت:
• تعليم القرآن يُعدّ من الصدقات الجارية، كما في الحديث: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به…” (رواه مسلم).
• وكل من يقرأ مما حفظه منك، يُكتب لك الأجر بإذن الله.
4. الاصطفاء والتمييز عند الله:
• قال ﷺ: “خيركم من تعلم القرآن وعلّمه” (رواه البخاري).
• فالمعلم والمحفِّظ من “خيار الناس” بشهادة النبي.
5. نيل محبة الملائكة والسكينة:
• قال ﷺ: “وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة…” (رواه مسلم).
6. بناء جيل قرآني صالح:
• من يُحفظ طفلًا أو شابًا كتاب الله، يزرع في قلبه القيم، والهدى، وحب الدين، وهو سبب لصلاح المجتمع على المدى الطويل.
7. أعظم ميراث:
• من يحفّظ أبناءه أو طلابه القرآن، فإنه يورّثهم أنبل علم، وأكرم منهج، فلا أعظم من أن تترك “حفاظًا لكتاب الله” في الدنيا.
8. تُلبس تاج الكرامة يوم القيامة:
• في الحديث: “يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول: يا رب حَلِّه، فيُلبس تاج الكرامة…” (رواه الترمذي).
• والمعلِّم شريك في هذا الفضل

تم نسخ الرابط