إعلام النواب: الدولة تُراهن على التوقيت الذهبي لإفتتاح المتحف الكبير

في مشهد يُجسد توازن الدولة المصرية بين الطموح الحضاري والحسابات الواقعية الدقيقة، جاء قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، ليؤكد أن مصر تُدير هذا المشروع الثقافي الأضخم في العالم بمنطق الدولة، وليس برد الفعل أو الاستجابة لضغط التوقيت.
فالحدث المنتظر ليس مجرد "افتتاح مبنى أثري"، بل هو لحظة تاريخية كانت تُجهَّز لها مصر منذ أكثر من عقدين، وصُمّم ليكون نقطة انطلاق جديدة للقوة الناعمة المصرية، ومركز جذب عالمي يعيد رسم خريطة السياحة الثقافية. في هذا السياق، تباينت التوقعات، لكن القرار الأخير بتأجيل الافتتاح جاء مدعومًا برؤية برلمانية واضحة، حيث رحّب عدد من أعضاء لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب بالقرار، واعتبروه تجسيدًا لحكمة الدولة وحرصها على ألا يتحول حدث بهذه العظمة إلى مناسبة عابرة وسط ضجيج الأحداث الإقليمية.
تأجيل الافتتاح
ومن جانبها أعربت النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، عن تأييدها الكامل لقرار الحكومة بشأن تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، مؤكدة أن الحدث المنتظر لا يجب أن يكون مجرد افتتاح تقليدي، بل مناسبة عالمية تُخلّد في الذاكرة، و تعكس عظمة مصر وتاريخها الممتد آلاف السنين.
وقالت رشاد، في تصريحات خاصة لـ"نيوز روم"، إن الدولة المصرية حينما نظّمت موكب المومياوات الملكية في وقت سابق، قدّمت نموذجًا عالميًا أبهر الجميع، وتصدّر عناوين الصحف العالمية، وحظي بتغطية غير مسبوقة، وهو ما يُلزمنا بأن نرتقي بسقف الطموحات لما هو أكبر وأشمل مع افتتاح المتحف المصري الكبير.
صرح حضاري
وأضافت: "نحن لا نتحدث عن مجرد متحف، بل عن صرح حضاري يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، منها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، وهو حدث فريد من نوعه لا يتكرر كثيرًا، ويجب أن يُقدّم للعالم في أبهى صورة، وسط أجواء مستقرة تسمح بتحقيق أقصى استفادة دعائية وسياحية ودبلوماسية".
وشددت رشاد، على أن تأجيل الافتتاح هو قرار حكيم يعكس قراءة دقيقة للمشهد الإقليمي والدولي، لا سيما في ظل أزمات مفتوحة قد تؤثر على حضور الوفود الدولية أو تطغى على التغطية الإعلامية العالمية، مؤكدة أن اللحظة المناسبة ستأتي، ومصر قادرة على تنظيم حفل يليق بتاريخها، ويُبهر العالم مجددًا.
واختتمت بقولها: "وسننتظر اللحظة التي تتيح لنا أن نروي قصة الحضارة المصرية للعالم من جديد، لكن بصوت أعلى، وصورة أوسع، ورسالة أعمق".
قرار حكيم
وقال النائب عصمت زايد، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، إن إعلان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير هو قرار حكيم وصائب، ويعكس إدراكًا عميقًا من الدولة لحساسية المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة، وما تشهده من اضطرابات وصراعات متلاحقة.
توقيت الافتتاح
وأوضح زايد، في تصريحات خاصة لـ" نيوز روم"، السبت، أن هذا الصرح العالمي، الذي يُعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، يستحق أن يتم افتتاحه في أجواء دولية ومحلية مستقرة، تضمن له الزخم الإعلامي والحضور الدبلوماسي والثقافي الذي يليق بمكانة مصر التاريخية والحضارية، مؤكدًا أن التعجيل في مثل هذه الأحداث قد يُفقدها بريقها العالمي الذي تسعى الدولة لتحقيقه.
موكب المومياوات
وأشار عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار، إلى أن مصر قدّمت نموذجًا مبهرًا في موكب المومياوات الملكية، واستطاعت أن تُدهش العالم بالتنظيم والانضباط والرؤية، إلا أن المتحف المصري الكبير هو حدث يفوق في أهميته كل ما سبق، ويُعد رسالة قوية للعالم بأن مصر تضع الثقافة والهوية في صدارة أولوياتها.
وأضاف زايد، أن تأجيل الافتتاح لا يعني التراجع، بل العكس، هو خطوة تضمن الجاهزية الكاملة من كل النواحي، سواء اللوجستية أو الأمنية أو التنظيمية، كما يعكس حرص القيادة السياسية على تقديم مصر في أفضل صورة ممكنة أمام المجتمع الدولي.
نقطة تحول سياحية
وأكد النائب عصمت زايد، أن المتحف المصري الكبير سيكون نقطة تحول في مسار السياحة الثقافية في مصر، وسيُعيد رسم خريطة السياحة العالمية باتجاه القاهرة، حين يتم افتتاحه في التوقيت الأنسب، وسط اهتمام دولي واسع ومشاركة عالمية رفيعة المستوى.
السياحة الثقافية
السياحة الثقافية تُعد إحدى أهم أدوات دعم الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة، وأن افتتاح المتحف في التوقيت المناسب سيسهم في إعادة توجيه البوصلة السياحية الدولية نحو القاهرة، مؤكدًا أن الدولة تعمل من خلف الكواليس على تجهيز كل صغيرة وكبيرة داخل المتحف ليخرج في أبهى صورة.
صرح عالمي
ويُعد المتحف المصري الكبير من أكبر المشروعات الأثرية في العالم، ويقع على بُعد 2 كيلومتر من أهرامات الجيزة، وتبلغ مساحته نحو نصف مليون متر مربع، ويضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية النادرة، منها ما لم يُعرض من قبل، بالإضافة إلى مركز ترميم دولي، وقاعات عرض متطورة بأحدث التقنيات، ومناطق خدمية وسياحية.
ومع كل هذه الإمكانيات، يتفق إعلام النواب على أن قرار التأجيل يُمثل إدارة محترفة للحدث، ويمنح مصر فرصة لاختيار توقيت مثالي، ربما يكون في لحظة تهدأ فيها الأوضاع الدولية، لتُطلّ القاهرة من جديد على العالم بلغة الحضارة والسلام والتاريخ.